فلسطين أون لاين

لحفظ التراث والهوية الثقافية

تقرير "توابل".. رسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم أنه حي لا يموت

...
بيروت/ انتصار الدنان:

سعياً للحفاظ على التراث الفلسطيني، وضع "مركز توابل للإبداع والفن الفلسطيني" في مخيم برج البراجنة في بيروت، الحفاظ على التراث على سلّم أولوياته. 

لسنوات عديدة راودت ماهر الحاج فكرة إنشاء مركز للإبداع والفن الفلسطيني في مخيم برج البراجنة في بيروت، واضعًا حفظ التراث على سلم أولوياته، فكان مركز "توابل". 

يقول مؤسس ومدير المركز ماهر الحاج، المنحدر من بلدة ترشيحا قضاء مدينة عكا المحتلة، والمقيم في المخيم: "راودتني فكرة المشروع منذ سنوات عدة، وكثيراً ما عملت على التخطيط للأمر لأن الرسامين التشكيليين مهمّشون في المخيمات الفلسطينية، وما من مؤسسات تُعنى بالفن التشكيلي، إذ إن تلك الموجودة عادة ما تقدم خدمات اجتماعية".

ويوضح أن المركز يمنح الشباب الفرصة للالتحاق به وتعلم حِرف تتناسب وقدراتهم، ليعتاشوا منها في المستقبل.

ويعمل المركز على ابتكار أساليب فنية جديدة تتماشى مع متطلبات السوق وبمواد غير مكلفة، كما يخبر الحاج، "فمن خلال قطعة من الخشب، يمكن إنتاج لوحة فنية جميلة، وفي أحيان كثيرة، نلجأ إلى الأخشاب المستعملة التي يرميها النجار بسبب عدم حاجته إليها، ما يكرس عملية إعادة التدوير. ويبيع الأشخاص القطعة بسعر معقول، الأمر الذي يساهم في الحد من البطالة".

ويقول: "نلاحظ أن تعاطي المواد المخدرة بين الشباب يزداد يوماً بعد يوم"، مشيراً إلى أن "السبب الرئيس هو البطالة، لذلك فإن تعلم حرفة معينة قد يحد من نسبة تعاطيهم المخدرات، وبالتالي الانشغال بعمل يعود بالنفع عليهم". 

ويبين أن الدورات تشمل الضغط على النحاس، والخط العربي، والفنون التشكيلية على أنواعها، وأشغالا حرفية أخرى.

جهد فردي وطموح

كما يوضح الحاج أن المركز لا يحصل على تمويل من أحد، وهو جهد فردي بدأته مجموعة من الفنانين الفلسطينيين. ويطمح إلى توسيع المركز، وقد تقدم بمشاريع لعدد من المؤسسات دون أن تتم الموافقة عليها حتى اللحظة.

من جهته، يقول يوسف سلعوس، الذي ينحدر من قضاء عكا، ويعمل في مركز توابل في مجال الإعلام والتكنولوجيا: "المركز حلم كان يراودنا جميعاً، يعلم الرسم والنحت مع لمسات إضافية، كما أنه مصدر رزق لنا". 

ومضى إلى القول: "ندرّب الشباب أيضاً على الطباعة على الملابس، والميداليات وغيرها من الجوائز. من خلال عملنا هذا، نساهم في الحفاظ على التراث الفلسطيني والالتزام برسالتنا والحفاظ على هويتنا الثقافية على الرغم من سنوات اللجوء".

في هذا السياق يقول أبو حيدر، وهو فلسطيني ينحدر من مدينة الناصرة، وكان يقيم في مخيم اليرموك في مدينة دمشق، إنه جاء إلى لبنان قبل أكثر من عام بسبب الأوضاع الصعبة في سوريا، وفقدانه منزله، ليعيش في مخيم برج البراجنة. 

يضيف: "أنا معالج فيزيائي وأعمل في الحفر على الخشب. الهدف من العمل في المركز هو إيصال رسالة للعالم بأن الشعب الفلسطيني حي لا يموت، ونعمل على الحفاظ على التراث وهويتنا الثقافية، كما نحلم بأن يصل شغلنا إلى العالم".

اكتشاف مواهب مدفونة

من جهته، يقول الرسام التشكيلي خليل أحمد، المنحدر من بلدة ترشيحا، والذي كان يقيم في مخيم النيرب في مدينة حلب في سوريا قبل الانتقال إلى مخيم برج البراجنة: "أعيش في لبنان منذ عام 1986، وقد درست الفن التشكيلي في جامعة دمشق". 

يضيف: "لأنني رسّام أساساً، قررت بالاتفاق مع الأستاذ ربحي سخنيني تعليم الفنون للشباب الفلسطيني، واكتشاف مواهب جديدة، لأن المواهب مدفونة وتذهب هدراً إن لم نستطع اكتشافها وتنميتها". ويوضح أنه يدرب في المركز على الخط العربي، والضغط على النحاس، بالإضافة إلى تدوير النفايات بهدف الاستفادة من نفايات المنازل.

إلى ذلك، يقول ربحي سخنيني، الذي ينحدر من مدينة طبريا في فلسطين: "المركز عبارة عن معهد مصغر، الهدف منه بناء الأجيال والاهتمام بكل الطاقات الإبداعية سواء للفتيات أو الشبان، وتعزيز مواهبهم في الفن التشكيلي من خلال الرسم بالرصاص والألوان".

يتابع: "نقدم دورات تدريبية للمراهقين والشباب ما بين 13 و20 عاماً، وخصوصاً أن هذه الفئة العمرية تعد أكثر عرضة للمخاطر". 

ويشير إلى أن مدة الدورة ثلاثة أشهر مقسمة لثلاثة أقسام: الرسم بالفحم، الرسم بالرصاص، وقسم للفنون الجميلة، وقسم للضغط على النحاس، والفن التشكيلي". 

ويقول إن "كل صف يضم خمسة عشر طالباً وطالبة، سيخضع جميعهم لهذه الدورات".

ويختم قائلاً: إن "الهدف من عملنا هنا في المركز هو متابعة طريق من سبقونا من المبدعين، كغسان كنفاني، وناجي العلي، ومحاولة ترسيخه في أذهان الناشئة للحفاظ على تراثنا وهويتنا الثقافية الفلسطينية".