برلمان الدولة العراقية الشقيقة يقرر تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. القرار الصادر عن المشرعين العراقيين يمنع الدولة والأفراد من التعامل مع دولة الاحتلال، ويعتبر المخالف للقرار مرتكبا لجريمة يحاسب عليها القانون العراقي.
الموقف الفلسطيني رحب بالقرار، واعتبره قرارا وطنيا عربيا أصيلا يجدر بكل الدول العربية أن تحذو حذو العراق. ما يطلبه روحي فتوح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني من البرلمانات العربية لن يحدث للآسف، ذلك لأن دولة البحرين، والإمارات، والسودان، فضلا عن مصر والأردن، قد احتفلوا بالتطبيع مع العدو، وحرضوا شعوبهم وتجارهم على التعاون مع دولة الاحتلال، الأمر الذي يعني أن دعوة فتوح هي لدول أخرى مترددة.
الموقف العراقي الذي يحظى بدعم إيران، وبترحيب فلسطيني، وبشكر من أحرار العالم العربي، لا يعجب الإدارة الأمريكية التي اعتبرت القرار العراقي قرارا مناهضا للسامية، ولحرية التعبير، وهو موقف ينطلق من انحياز عنصري لدولة الاحتلال، ويعبر عن مكاييل أمريكية متعددة في العلاقات الدولية، فبينما تحاصر روسيا لغزوها أوكرانيا، وتدعم الدول المشاركة في الحصار، تنتقد الموقف العراقي الذي هو موقع دفاع عن الحقوق العربية ضد الاحتلال، لا تنتقد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
دولة الاحتلال تحاصر غزة، وكانت قد رفضت نتائج الانتخابات الفلسطينية التي جاءت بحماس، ولم تنتقد أمريكا موقف حكومة الاحتلال لفرضها الحصار، ولو كانت أمريكا دولة قيم وأخلاق وسياسة خارجية موزونة لانتقدت (إسرائيل) في حصار لغزة، ولمعاقبتها السكان على اختيارهم عقابا جماعيا.
البرلمان العراقي قدم نموذجا جيدا في الرد على دولة الاحتلال، وعلى الموقف الأمريكي، وعلى الهرولة العربية نحو التطبيع، وهو نموذج يعبر عن المسؤولية العربية القومية، الذي تبنته الجامعة العربية دهرا قبل التطبيع المصري الأردني.
المبادرة العربية للسلام مع دولة الاحتلال والتي تضمنت الاعتراف والتطبيع مقابل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة مثلت حالة عربية مؤسفة وغير مريحة، ومع ذلك تجاوزتها بعض دول الخليج بشكل صادم للمشاعر الفلسطينية ولقرار الجامعة، بينما جاء القرار العراقي بشكل يعبر عن الضمير العربي القومي، ويرد على قرار دول التطبيع، ليعيد البوصلة العربية إلى الأصول التي اعتمدتها الجامعة العربية قبل الهرولة الأخيرة المؤسفة. كل التحية للبرلمان العراقي.