في يوم 12 من شهر أكتوبر من العام الماضي 2021، هاتفت الدكتور وجدي جودة أحد أعضاء اتحاد كرة القدم متحدثاً معه حول موعد انطلاق الموسم الجديد 2021-2022، وكان لي وجهة نظر تصب في خانة العودة إلى الوضع الطبيعي لأجندة الاتحاد، واقترحت عليه أن يقوم الاتحاد بالعمل تدريجياً على تخطي انعكاسات جائحة كورونا التي أثرت في موعد انطلاق موسم 2020-2022 الذي انطلق متأخراً وتسبب في إلغاء بطولة الكأس للموسم الماضي.
تركزت وجهة نظري خلال حديثي مع الدكتور جودة، على انطلاق بطولتي الدوري بدرجتيه الممتازة والأولى يوم 13 من شهر نوفمبر الماضي، وصولاً إلى النهاية في شهر مايو 2022، وبالتالي انطلاق بطولة الكأس وإنهائها خلال شهر ونصف تقريباً، ومن ثم منح الأندية فرصة راحة وإعداد للموسم الجديد مدتها ثلاثة أشهر، من أجل العودة إلى انطلاق الأجندة في شهر سبتمبر كما كان يحدث المواسم السابقة.
طبعاً دخلنا في نقاش يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، وكان لعضو الاتحاد الدكتور جودة وجهة نظر تتضمن منح الأندية فرصة 45 يوماً على الأقل للإعداد للدوري، ومن ثم دعمه لوجهة نظره التي كانت تقضي بانطلاق الموسم خلال شهر ديسمبر، فقلت له إن الكرة الفلسطينية لم تصل بعد إلى مرحلة أن تكون مثلها مثل كرة القدم في العالم العربي على أقل تقدير، وأن مدة الشهر كافية للإعداد.
في اليوم التالي للنقاش كانت هناك جلسة رسمية لاتحاد كرة القدم تبنى فيها وجهة نظر الدكتور جودة، واحترمنا القرار ولكننا كنا على قناعة أن الأمور لن تسير بالشكل الطبيعي، لا سيما أن قرار الاتحاد ونيته بتجميد البطولات خلال شهر رمضان سيؤخر موعد انتهاء الموسم، وسيؤثر في الأجندة، وهو ما حدث.
ما دعاني لكتابة هذه الحقيقة والمُقدمة الطويلة، هو مرارة قرار الاتحاد بإلغاء بطولة الكأس للموسم الثاني على التوالي، وهو القرار الذي يعتبره البعض عادياً، ولكنني لا أجد أنه كذلك.
إن إلغاء البطولة ليس بالأمر بالغ الخطورة إذا ما ذهب البعض إلى وصف موقفي بأنه موقف متزمت أو متعصب لرأيي، ولكن القرار كان بالإمكان تفاديه فيما لو تمت دراسة الوضع والحالة من كل أوجهها، لأننا اعتدنا أن مثل هذه القرارات يجب أن تُراعي الكثير من الأمور.
ففي غزة المحاصرة منذ 16 سنة، تعيش أوضاعاً نفسية صعبة لمعظم المواطنين، قياساً مع الوضع الأمني والوضع الوطني السياسي، وبالتالي الوضع الاقتصادي.
إن كرة القدم خاصة والرياضة عامة في غزة تعتبر متنفساً من المتنفسات المتاحة في ظل هذه الظروف الصعبة، وكان بالإمكان انطلاق بطولة الدوري في شهر نوفمبر بدلاً من شهر ديسمبر، ولو حدث ذلك لكانت بطولات الدوري في غزة انتهت في شهر مايو.
وبمناقشة بسيطة، سأعتبر أن قرار الاتحاد بانطلاق الدوري في شهر ديسمبر بدلاً من نوفمبر قراراً منطقياً، ولكن قراره بإيقاف الدوري في شهر رمضان لم يكن في محله، ولا سيما أن الأجواء الشتوية كانت وما زالت سائدة حتى يومنا هذا.
أتمنى أن يستخلص اتحاد كرة القدم العبرة من تأخير انطلاق أجندة الموسم الحالي، وأن يكون منطقياً في دراسة الأوضاع قبل الإعلان عن قراراته، للوصول إلى بداية ونهاية منطقية لأجندته دون إلغاء أحد بنودها.
لقد استوعبنا الإلغاء السابق لبطولة كأس غزة 2021، ولكني لا أستوعب قيام الاتحاد بإلغائه للموسم الثاني على التوالي، ولا سيما أنه اتخذ قرارا قبل شهرين تقريباً باقتصار المشاركة فيه على أندية الدرجتين الممتازة والأولى، وهو ما يعني أن الفترة التي ستستغرقها بطولة الكأس لن تتجاوز الشهر تقريباً، وبالتالي الحفاظ على هيكلية الأجندة، وإتاحة الفرصة لتنظيم بطولة دوري الشواطئ أيضاً كما كان يحدث كل عام.
أعتقد أنه وبعد إلغاء البطولتين، يجب أن يعمل الاتحاد على العودة من جديد لانطلاق الموسم الجديد أواخر شهر أغسطس وأوائل شهر سبتمبر 2022، لينتهي الموسم في شهر يونيو من عام 2023.