- الصراع مع المحتل الصهيوني دخل مرحلة جديدة
قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية: إن "معركة سيف القدس أحدثت تحولات إستراتيجية جعلت ميزان القوة لصالح شعبنا في صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي".
جاء ذلك في كلمة له خلال المؤتمر الوطني الكبير الذي نظمته حركة "حماس" في غزة، إحياءً للذكرى السنوية الأولى لمعركة سيف القدس (10-21 مايو 2021)، تحت عنوان: "سيف القدس وحدة الوطن والشعب".
وأضاف هنية: "معركة سيف القدس تابع وقائعها ونتائجها العسكريون والأمنيون والسياسيون بكل تداعياتها وتأثيراتها، ولكن حينما يكون الحديث حول معركة سيف القدس من غزة وفي غزة فله طعم آخر وتأثير مختلف لأن غزة هي التي أشهرت السيف وهوت به على رأس المحتل".
ووجه التحية "لأهل غزة وللمرابطين وللمجاهدين وللكتائب المقاومة وفي مقدمتهم كتائب الشهيد عز الدين القسام وقائد أركان المقاومة الأخ المجاهد محمد الضيف".
وأضاف: "بعد عام من هذه المعركة نقف أمام حجم التحولات الإستراتيجية التي أحدثتها "سيف القدس" والتي شكلت نقطة تحول مهم في مجرى الصراع مع العدو الصهيوني وفتحت الباب واسعًا أمام مرحلة جديدة مختلفة بكل ما تحمله من أبعاد".
واستطرد: إن "معركة سيف القدس كانت مركبة شاملة متعددة النتائج والأبعاد، ولم تقتصر هذه النتائج بتأثيراتها على القضية الفلسطينية أو على حدود الجغرافيا الفلسطينية بل تعدت إلى المنطقة بل إلى المجتمع الدولي بكامله".
وبين أن النتائج ذات الصبغة الاستراتيجية لهذه المعركة تشكل اليوم "الوعاء الناظم لحركة الإحياء والتجديد والنهضة في روح المقاومة والثورة ضد هذا المحتل من قبل أبناء شعبنا في كل مكان وخاصة في القدس والضفة".
نتائج استراتيجية
واستعرض هنية أهم ثلاث نتائج استراتيجية لمعركة "سيف القدس"، الأولى أن كتائب القسام والمقاومة في غزة ضربت ثلاث نظريات أمنية للاحتلال الإسرائيلي (نظرية الردع ونظرية الحروب الخاطفة ونظرية الانتقال إلى أرض العدو).
وقال: "إن القسام وفصائل المقاومة هي التي بنت نظرية الردع للعدو وهي التي قامت بعملية خاطفة لم تزد على أيام عشرة شاهد العالم كل العالم هذا الأداء البطولي وهذا الارتباك والانكشاف الأمني والعسكري لهذا الكيان الصهيوني، كما نقلت المقاومة الفلسطينية المعركة إلى قلب الكيان في داخل الأرض الفلسطينية المحتلة".
واستدرك: "لم يكن هناك شبر من أرض فلسطين إلا وكان محل استهداف لصواريخ المقاومة وطائراتها المسيرة وفعلها الأمني والاستخباراتي الذي كان يعمل خلف خطوط العدو بكل ما تملكه من إمكانات وقدرات وإبداعات، وهذه نتيجة أدت إلى كي الوعي لدى الكيان وشكلت هذه المعادلة".
وأشار إلى أن معركة سيف القدس نجحت بتثبيت "معادلة القداسة والقوة"، موضحاً أن القوة التي مثلتها المقاومة في غزة والقداسة المتمثلة في القدس جسدت المعادلة التي مازالت تأثيراتها قائمة حتى هذه اللحظة".
وأردف:" إن ما شاهدناه في شهر رمضان الماضي كيف حاول قادة الاحتلال أن يخفضوا إلى أدنى مستوى من حالة الاحتكاك مع المسجد والمصلين والمعتكفين، دليل على أن تأثيرات سيف القدس لا زالت قائمة ومؤثرة في مجرى سياسة الاحتلال وقراراته".
أما النتيجة الإستراتيجية الثانية- يواصل هنية حديثه- تتمثل في أن معركة سيف القدس أدخلت عناصر جديدة إلى ميزان القوى الاستراتيجي رجحت كفته لصالح الشعب الفلسطيني ومقاومته، موضحاً أن أهم هذه العناصر هو أن الشعب الفلسطيني في داخل الأرض المحتلة عام 1948 قام بـ"هبة الكرامة" حينما تحرك أهلنا في المثلث والنقب والجليل التحاما مع غزة وصواريخ غزة والتحاما مع القدس والضفة".
وتساءل: "كم يحسب العدو الآن الحساب لأهلنا في الداخل المحتل"، مشدداً على أن "هذا الكنز المدخر لشعبنا ومقاومته وسيكون عنصراً حاسماً في حسم الصراع التاريخي مع هذا العدو".
وجدد تأكيده على أن "ميزان القوة الاستراتيجي هو لصالحنا من حيث هذا المناخ والروح التي تسري في جسد أبناء الشعب الفلسطيني، منبهاً إلى أنه "لم يعد هناك حاجز يحول دون أن يقوم أي شخص بتسديد ضربة مباشرة لهذا العدو كما حصل في الآونة الأخيرة حيث تخطى الأبطال المجاهدون الحواجز وكل التحديات الأمنية ونفذوا هذه العمليات في قلب كيان الاحتلال".
أما النتيجة الاستراتيجية الثالثة التي تحدث عنها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، تمثلت في أن معركة "سيف القدس" وحدت الأرض والشعب والقضية"، مبيناً أن "هذه المعركة أزالت الحواجز الجغرافية داخل فلسطين التاريخية وأيضًا صهرت كل أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج في قلب هذه المعركة فبدت الأرض الفلسطينية موحدة والشعب الفلسطيني موحد والقضية الفلسطينية برزت على حقيقتها".
واسترسل: "لقد برزت القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني وقضية سياسية ووطنية وإنسانية بامتياز، وهذه الصفات لم تكن بهذا الوضوح وبهذه الوحدة وبهذا التماسك من قبل معركة سيف القدس".
وبين أهمية هذه النتائج الثلاث المتعلقة بـ"ضرب نظرية الأمن الصهيوني، وبناء ميزان استراتيجي للمقاومة وشعبنا، و وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة الأرض والقضية"، مع إسناد شعوب الأمة وأحرار العالم.
وقال: إن "هذه النتائج ذات تأثير عميق وسيكون لها ما بعدها في جميع المواجهات التي سيخوضها شعبنا وستخوضها حماس والمقاومة ضد الاحتلال".
تهديدات الاحتلال
وفي سياق منفصل، تطرق هنية إلى التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بحق المسجد الأقصى، والدعوات المتواصلة لاقتحامه وتسيير مسيرة الأعلام وغيرها من الاعتداءات على المسجد المبارك.
وقال: "نتابع التهديدات المستجدة والتلويحات المتواصلة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، يوم 29 مايو، وتنظيم مسيرة الأعلام التي مزقتها صواريخ المقاومة وصواريخ القسام قبل عام"، في إشارة منه لمعركة "سيف القدس".
وتابع: "أحذر العدو من الإقدام على مثل هذه الجرائم، إن الشعب الفلسطيني والمقاومة في المقدمة وفي القدس والضفة على وجه الخصوص لا ولن تسمح ولن تقبل بتمرير هذه الخزعبلات اليهودية التلمودية، فالمسجد الأقصى مسجد إسلامي خالصـ وقبلتنا الأولى، ومسرى رسولنا"، مواصلاً تهديده: "إن قرارنا واضح.. لا تردد ولا تلعثم فيه".
وتابع: "سنواجه بكل الإمكانات ولن نسمح مطلقًا باستباحة المسجد الأقصى أو بالعربدة في شوراع القدس وضد أهلنا في القدس أو الضفة أو في الداخل المحتل"، مستدركاً: "اليوم ليس الأمس وقلنا وأذكر أن مرحلة ما بعد سيف القدس تختلف كليا عما قبلها".
وشدد قائلاً: " إن المبادرة وفرض الوقائع وبناء المشهد وانتزاع الحقوق وصناعة الانتصار هي بأيدينا اليوم وليس بيد العدو"، متابعاً: "إننا نقرأ كل المتغيرات على صعيدنا الفلسطيني وعلى صعيد المنطقة والعالم وكل هذه المتغيرات نحن نقرأها في مآلاتها ونعلم أنها ستصب في مصلحة الشعب والقضية والمقاومة الفلسطينية".
ودعا أبناء الشعب الفلسطيني إلى أن يكونوا في كامل الجاهزية والاستعداد لحماية المسجد الأقصى المبارك ولعدم السماح بالعربدة داخل المسجد الأقصى المرابطين والمعتكفين والزحف في الأوقات التي يحددها الاحتلال من أجل الدفاع عنه.
وجدد تأكيده بالقول: "نحن لا نتحدث فقط وأفعالنا تسبق كلماتنا وعلى الأرض في غزة وجنين وفي كل أرجاء الضفة والقدس وأهلنا في داخل 48 وشعبنا في المنافي والشتات وأمتنا لن تسمح بانتهاكات الاحتلال واعتداءاته على مقدساتنا".
وأضاف: "بل أقول إن الصراع مع المحتل الصهيوني دخل مرحلة جديدة، بكل أبعادها وبكل مآلاتها وإن شاء الله سنحقق نصرا كبيرا ومؤزرا لهذا الشعب، وسنحرر الأسرى والمسرى وسيعود اللاجئون إلى وطنهم، وسيخرج هذا العدو من كل أرض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر ومن الناقورة حتى أم الرشراش وهذا وعد صادق غير مكذوب ومسنود بأسانيد القرآن وبحركة التاريخ والمحتلون دائما عابرون".
سيف القدس
ومعركة "سيف القدس" هي معركة خاضتها المقاومة الفلسطينية لمدة 11 يوما في الفترة ما بين 10 و21 مايو/ أيار 2021، وافتتحتها كتائب القسام بضربة صاروخية على مدينة القدس المحتلة، رداً على جرائم الاحتلال المتواصلة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح المقدسي ومحاولات طرد سكانه الفلسطينيين منه.
وخلال أيام المعركة، دكت فصائل المقاومة الفلسطينية مستوطنات ومدن الداخل الفلسطيني المحتل بآلاف الصواريخ، وأدخلت كتائب القسام أسلحة جديدة للخدمة، كان أبرزها صاروخ "العياش 250"، واستهدفت به مطار رامون وتعطّل بذلك حركة الطيران لدى الاحتلال، وجعلت كل نقطة من شمال فلسطين إلى جنوبها تحت مرمى صواريخ القسام.
وأسفرت المعركة عن مقتل 14 مستوطنا وجنديا لدى الاحتلال بالإضافة إلى إصابة المئات، واستطاعت المقاومة أن تلحق في الاحتلال خسائر اقتصادية قدرت قيمتها بـ 7 مليارات شيقل، بالإضافة إلى خسائر عسكرية تجاوزت قيمتها 1.1 مليار شيقل، كما وتم التبليغ عن أكثر من 5300 ضرر من المستوطنين.