فلسطين أون لاين

بيرزيت وفوز الزمان والمكان

منذ عام 2014، هذه هي المرة الأولى التي تحسم فيها حماس وحدها، تشكيل مجلس طلبة جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، عد حصولها على 28 مقعدا في مقابل (18 مقعدا) لحركة فتح، بخسارة (5 مقاعد) عن آخر انتخابات (2019-2020) ذهبت كلها لرصيد الكتلة الإسلامية الطلابية.

أهمية الفوز وقيمته السياسية هذه المرة بالنظر إلى المكان والزمان، فقد حدثت الانتخابات في بيئة سياسية وأمنية معقدة جدا، يمارس فيها الاحتلال والسلطة "سياسة الباب الدوار"، في سياق الاستراتيجية المتبعة منذ سنوات "لقص العشب الأخضر"، فلا يقوى على النمو والنهوض والتسبب بالألم لـ "خاصرة إسرائيل" الأضعف، الضفة التي تشكل نقطة الصراع الحرجة، ومحور الارتكاز في زيادة كلفة الاحتلال الإسرائيلي

وجاء هذا الانتصار السياسي، متوجا لانتصارات ميدانية حققها شعبنا الفلسطيني في الضفة والقدس، تمثلت بمئات نقاط المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، وارتقاء أكثر من خمسين شهيدا وعشرات جرحى، ومئات المعتقلين في اقتحامات يومية لمدن الضفة في استعداد فلسطيني واضح للتضحية والفداء، فضلا عن معادلة الردع التي فرضتها المقاومة منذ عام وما زالت قائمة في الأقصى دون أن تطلق صاروخا واحدا هذه المرة، على غرار ما حدث في معركة سيف القدس قبل عام،  التي بلا شك أحدثت انقلابا في الوعي الجمعي الفلسطيني الذي ينظر ويراقب ويحاسب.

هذا في الوقت أيضا الذي ارتفعت فيها عمليات المقاومة بكل أنواعها، حتى وصلت إلى (تل أبيب)، وتحويلها إلى مدينة أشباح ومنطقة عسكرية مغلقة، لأيام معدودات، ما دفع المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي إلى إطلاق عملية "كاسر الأمواج"، في محاولة يائسة لكسر إرادة شعبنا وإيقاف "نبض الضفة" الثائر.

دفع الاحتلال بقوات عسكرية كبيرة إلى الضفة وأقام حواجز عسكرية، وضاعف من عمليات الاقتحام للمدن والقرى ويهدد باجتياح جنين ، وشن حملات اعتقال ليلا ونهارا، وسرع من قرارات وإجراءات هدم منازل منفذي العمليات ، إضافة إلى القتل العمد والمباشر والسريع لمنفذي العمليات، كل ذلك محاولة لإرهاب شعبنا وتدفيعه ثمن المقاومة والمواجهة، ودفعه للتراجع وإعلان "التوبة"، فجاءت هذه الانتخابات وفوز أصحاب المشروع المقاوم، بما تمثله بمزاج عام لشريحة مهمة من أبناء شعبنا "الشباب"، تحمل رسالة سياسية بالصوت العالي، أن نبض الضفة ، كما صوت نزار بنات، لن يهدأ ، وأن كل ما يثار من شبهات  حول مشروع المقاومة وتخويف الناس منه، لن يزيدهم إلا إيمانا به  (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).