منذ نشأتها قبل 74 عامًا، لم تشهد دولة الكيان الصهيوني حالة من الخوف والقلق على مصيرها ومستقبلها مثلما تشهد هذه الأيام، فالداخل الفلسطيني قابل للاشتعال، والأوضاع في غزة والضفة متفجرة، والمحيط يشهد متغيرات ميدانية وعسكرية إستراتيجية، وكلها لا تبعث على طمأنة الكيان على مصيره.
وفق هذا المشهد المربك لاستقرار العدو، تأتي مناورات مركبات النار التي ستستمر حتى مطلع الشهر القادم، إذ سيحاكي الطيران الإسرائيلي ولمدة أسبوع كامل غارات جوية على المفاعل النووي الإيراني، وعلى سوريا ولبنان، وسيشارك في هذه التدريبات أكثر من 20 ألف جندي إسرائيلي، ولا غرابة أن تتحول هذه المناورات الجوية إلى هجوم حقيقي، تخطط له القيادة الإسرائيلية.
مهاجمة إيران عمل لا تقدم عليه (إسرائيل) دون الشراكة الكاملة مع أمريكا، فـ(إسرائيل) أضعف وأوهن من تنفيذ هجوم على دولة مثل إيران، وهي تقرأ العواقب، لذا جاءت زيارة وزير الحرب الإسرائيلي غانتس إلى أمريكا بهدف التنسيق والترتيب لهذا العدوان المشترك، وقد أكد غانتس أن المفاعل النووي الإيراني سيكون البند الأول على جدول أعمال لقائه مع وزير الحرب الأمريكي، ولكن البنود الأخرى لها علاقة بالمقاومة في قطاع غزة، ومن يقف وراء تسليحها، ولها علاقة بقدرات لبنان وسوريا القتالية، وكيف ينعكس ذلك على حالة النهوض المعنوي للشعب الفلسطيني، الذي أضحى يتحدى الجيش الإسرائيلي شمال الضفة الغربية، وبالتحديد في مدينة جنين ومخيمها، وكيف أثر ذلك في حالة الأمن والاستقرار في (إسرائيل)؟
(إسرائيل) تعيش أزمة أمنية حقيقية، وتدرك أنها ستخوض حربًا على عدة جبهات لأول مرة منذ عام 1973، فمنذ ذلك التاريخ، خاضت (إسرائيل) حربًا ضد لبنان، وحربًا ثانية ضد لبنان، وحربًا ضد الضفة الغربية، وعدة حروب ضد جبهة غزة، وهذه هي المرة الأولى التي ستتورط فيها (إسرائيل) بحرب ضد عدة جبهات، بما في ذلك الجبهة الداخلية، والتي لن تكون بمنأى عن المعارك، ولهذا يتطلع الإسرائيليون إلى نتائج مطمئنة أمنيًّا من جراء زيارة وزير حربهم لأمريكا، ويسعون بكل جهد إلى توريط أمريكا ودول الخليج مباشرة في حربهم ضد إيران.
سيناريوهات الحرب مرعبة بمساراتها وتطوراتها ونتائجها، لذلك تحاول كل الأطراف تفادي الوصول إلى نقطة الصفر، وتكتفي بالتهديد، والاستعداد، وفرد العضلات، والتلويح بالقوة لتحقيق الأهداف، ولكن واقع الفزع والقلق الذي سكن مفاصل الإسرائيليين، وتخبط الأجهزة الأمنية في مواجهة موجة التصعيد الحالية في الضفة الغربية والداخل، قد تدفع أصحاب القرار في دولة الكيان إلى الحرب، أو البحث عن ترتيب جديد للمنطقة، يكسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، ويعيدهم إلى مربع الهزيمة، وعدم القدرة على مواجهة عدوهم الإسرائيلي.
الشعب الفلسطيني لن يقف على الحياد، ولن يتفرج على حرب مفتوحة ضد عدوهم، الشعب الفلسطيني ينتظر بشوق اشتعال الجبهات، وقد حدد طريقه منذ اغتصاب فلسطين قبل 74 سنة، وأعلن وقوفه إلى جانب أي بلد عربي أو إسلامي أو حتى دولي؛ يعلن الحرب على (إسرائيل)، وسيكون الفلسطينيون رأس حربه، وسكين العدالة التي تحز على رقبة العدو.