من الواضح أن ذكرى النكبة الرابعة والسبعين تختلف عن سابقاتها من حيث ارتباط الفلسطيني أكثر بأرضه ووطنه المسلوب، فالفلسطيني في كل مكان ينظم مسيرات العودة التي تصل إلى حدود فلسطين المحتلة ليؤكد بشكل عملي حقه في العودة إلى أرضه التي اشتاقت له عقود طويلة.
نعيش ذكرى النكبة والساحة الفلسطينية تشهد تغيرات جذرية عما كانت عليه في السابق، فأكثر من سبعين عاماً مرت على احتلال فلسطين على أيدي الصهاينة بمساعدة قوى الظلم والاستعمار في العالم، وبتواطؤ من بعض قادة الجيوش العربية التي دخلت فلسطين من أجل تحريرها وتخليصها من اغتصاب الصهاينة، فإذا بها تتراجع وتوقع اتفاقات دولية للحفاظ على الأراضي التي اغتصبها الصهاينة وطرد أهلها منها بعد سلسلة من المجازر البشعة التي ارتكبوها بحق الرجال والنساء والأطفال.
ومرت السنوات ثقيلة واللاجئ بعيد عن أرضه وجذوره وذكرياته، لتعقد المؤتمرات الدولية والقمم العربية وتصدر القرارات الأممية التي لم تدفع الكيان إلا إلى المزيد من مصادرة الأراضي وطرد أهلها، وتهويد القدس، ليصل إلى إعلان "يهودية الدولة" والضغط على الطرف الفلسطيني ودول العالم من أجل الاعتراف بهذا الإعلان، لتثبيت أحلام بنى صهيون وأطماعهم في أرض فلسطين، وتشريع احتلالهم لها، وعدم الاعتراف بغير اليهودي كمواطن في دولة الاحتلال، مما يمهد لما صرح به قادة العدو الذين يدعون إلى طرد عرب الداخل وسحب هوياتهم.
وفي المقابل نجد المفاوض الفلسطيني والمطبعين من العرب منذ مؤتمر مدريد مروراً بأوسلو والقاهرة وواشنطن وغيرها من المحطات وجولات التفاوض المعلنة والسرية قد أعطوا للصهاينة ما لم يكونوا يحلمون به في مقابل وعود معسولة لم يأخذ منها الفلسطيني سوى المزيد من التنكر وعدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه من قبل الجانب الصهيوني، ودائماً المبررات حاضرة لديه.
لذا نحن الفلسطينيين أصحاب القضية وأصحاب الحق المسلوب، والأرض مغتصبة بحاجة إلى أن نعيد حساباتنا مع أنفسنا أولاً، وأن ننفض عنا غبار النفق المظلم الذي دخلناه على غير رغبتنا، ودون قرار وطني تجمع عليه فصائل المقاومة وهو ما بات يعرف باتفاق أوسلو، وأن نتوحد بعد انقسام طال أمده، لنجتمع على قول واحد يخشاه عدونا وهو ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.