فلسطين أون لاين

دلالات مقتل الضابط الإسرائيلي في جنين

"الاشتباكات العنيفة التي شهدتها قرية برقين قرب مخيم جنين، وقتل خلالها "ناعوم راز" الضابط الكبير في وحدة "يمام" الخاصة في الجيش الإسرائيلي بالرصاص، تخللها إطلاق المسلحين الفلسطينيين آلاف الرصاصات، وعلى مسافات قريبة جدًا من جنودنا، ما يستدعي منا إعادة التفكير في مسارات العمل العسكرية في المناطق الفلسطينية، لأنه سيكون مستحيلا تجاهل حجم الأسلحة والذخائر التي يحوزها الفلسطينيون، أنا أخدم في الجيش منذ 20 عامًا، وشاركت في حرب لبنان الثانية 2006، والجرف الصامد في غزة 2014، لكنني لم أشاهد ما شاهدته في جنين اليوم".

هذا اعتراف أدلى به ضابط إسرائيلي شارك في عملية اقتحام مخيم جنين أول من أمس الجمعة لاعتقال الشاب محمود الدبعي، بزعم أنه مطلوب لقوات الاحتلال، ويحمل دلالات خطيرة على الصعيد العسكري العملياتي، أهمها أن المقاومة باتت تأخذ أبعادا متقدمة في استخدام أساليب جديدة ومتطورة في استهداف الجنود والمستوطنين، وقد ساعدها في ذلك امتلاكها المزيد من العتاد والتسليح، وقد تجلى ذلك في إطلاق النار عليهم من مسافات قريبة جدا لا تتعدى ثلاثمائة متر وفقا للمعلومات الميدانية.

تتحدث المحافل العسكرية الإسرائيلية أن المظهر الغالب على المواجهات الأخيرة في بعض مناطق الضفة الغربية، ولا سيما شمالها حيث جنين ونابلس، يتمثل في إطلاق النار والاشتباكات التي تطال قوات الاحتلال والمستوطنين، وفي بعض الأحيان تتم هذه العمليات بشكل شبه يومي، مقارنة بأشكال ووسائل المقاومة الأخرى.

تتنوع هذه العمليات لتأخذ شكل إطلاق النار على مستوطنة حيناً، وعلى موقع عسكري حيناً آخر، وعلى سيارة مستوطنين حيناً ثالثاً، أو أي هدف إسرائيلي يتاح للمقاومين، مع العلم أن هذا اللون من العمليات يقدر عليه الجميع.

مما يزيد من حالة القلق الإسرائيلية أن هذا النوع من الهجمات لا يقتصر فقط على ذوي الانتماء الحزبي والتأطير التنظيمي والعاملين الذين تسعفهم وتمكنهم حدود قدراتهم وإمكانياتهم على تخطيط وتنفيذ العمليات الكبرى المخطط لها جيدا، بل يجري الأمر على أي فلسطيني يريد التصدي للاحتلال، فيندفع حائزاً السلاح بداية، لينقض على أي هدف إسرائيلي، عسكرياً كان أو استيطانياً، بأقل قدر من التعقيدات الإجرائية والتنظيمية التي تفرض نفسها في سلك العمل المقاوم المنظم.

كما أن التقدير الذي يلقى قبول الجميع أن هذا اللون من العمل العسكري لا غنى عنه للمقاومة، على الرغم من بساطته، وقلة تعقيداته الكامنة، فهو يكرس شكلاً أساسياً من أشكال العمل المقاوم التقليدية، في ذات الوقت الذي يحقق فيه مستوى واسع من الانفتاح الشعبي على الانخراط فيها عبر تبني هذا الأسلوب الذي يقترب من إمكانات وقدرات الجماهير.