فلسطين أون لاين

تقرير "أعمروا أقصاكم" و"عهد الأقصى".. مبادرتان لتثبيت الوجود الدائم في القدس

...
عبد اللطيف أبو صفاقة
غزة/ مريم الشوبكي:

من أجل إعمار المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة بالمصلين والزائرين انطلقت الكثير من المبادرات التي تدعم تلك الفكرة، في ظل محاولة الاحتلال الإسرائيلي لإفراغ المسجد الأقصى لتسهيل عملية اقتحام المستوطنين له وإقامة طقوسهم التلمودية فيه وتنفيذ مخططاتهم التهويدية.

ومن تلك المبادرات المستمرة مبادرتا "أعمروا أقصاكم"، و"عهد الأقصى"، اللتان التقتا على هدف واحد وهو حث الفلسطينيين على الوجود الدوري في الأقصى، وجمعتا بين همة كبار السن وفكر الشباب في الدفاع عن مدينتهم التي تستباح أمام أعين وأنظار العالم.

منذ عشر سنوات لاحظ عبد اللطيف أبو صفاقة تراجع أعداد الفلسطينيين -ولا سيما أهالي الضفة الغربية- في المسجد الأقصى بسبب تقييد الاحتلال الإسرائيلي عملية وصولهم إلا بشروط مسبقة، حيث يمنع دخول النساء اللاتي تقل أعمارهن عن 50 عامًا، والرجال أقل من 55 عامًا.

اتخذ طبيب العيون أبو صفاقة على عاتقه حث أهالي مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية على زيارة الأقصى، فأطلق مبادرته "أعمروا أقصاكم"، وأطلق أول حافلة على نفقته الشخصية بعدد قليل من المواطنين، وما لبث أن لاقت رواجًا كبيرًا حتى باتت تسير أسبوعياً عشرات الحافلات من جميع قرى الضفة الغربية.

ومن أجل تحقيق نجاح لمبادرته، جاب أبو صفاقة مساجد قلقيلية، ومن ثم انتقل لجميع مساجد الضفة الغربية، لزيادة أعداد المصلين والزائرين للمدينة المقدسة، برسوم رمزية، ودفع بقية حمولة الباص من جيبه الخاص.

ويقول أبو صفاقة لـ"فلسطين": "إعمار الأقصى شكّل هاجسا لي، خاصة في ظل المنع الإسرائيلي وحصاره المدينة، لذا كان لا بد من تسيير قوافل الإعمار لتثبيت الوجود الفلسطيني فيه".

ويتابع: "ولتشجيع الناس في البداية كنت أتكفل بدفع حمولة الباص التي تقرب 400 دولار، وبعد زيادة أعداد الناس والحافلات، أصبح الشخص يدفع رسوما رمزية تصل لخمسة دولارات، ويتكفل هو بدفع الباقي"، لافتاً إلى أن بعض أهالي الخير يقدمون جزءا من المساعدة المالية من أجل الاستمرار بالحملة وتقدمها.

حافلات أسبوعية

ويحرص أبو صفاقة على الوجود في الأقصى كل جمعة لأداء الصلاة هناك، كما يسير حافلات في يومي الاثنين والأربعاء أيضًا، ويصل عدد الزائرين إلى نحو 220 شخصًا أسبوعيًا.

ويلفت إلى أنه في بعض الأيام ولا سيما في شهر رمضان المبارك، يسير أكثر من 12 حافلة، بخلاف الحافلات التي تسير من جميع مختلف مناطق الضفة الغربية.

ويقطع أبو صفاقة نحو 85 كيلومترا حتى يصل إلى الأقصى، ولكن لا يتخلف عن الوجود فيه كل يوم جمعة، قائلًا: "قلبي معلق بالأقصى، حينما يتم إغلاق المعابر ويتعذر وصولي إليه، أعد نفسي لم أصلِّ، وأشعر أن شيئا ينقصني".

ويؤكد أن المبادرة أظهرت أن الكبار في السن لهم دور في عملية إعمار الأقصى، واستطاعت أن تحقق الهدف منها بزيادة سواد المصلين والمسلمين في الأقصى، وأنعشت الحركة التجارية في أسواق البلدة القديمة من خلال قيام الزائرين بالتسوق منها، وبالتالي دعم صمود التجار.

ويسعى أبو صفاقة إلى توسيع الحملة ليصبح هناك خط حافلات القدس، حيث يتم تسييرها من الضفة إلى القدس مباشرة.

ويتمنى أن يتم تحويل المبادرة لتصبح عائلية، بحيث تسير كل عائلة حافلة أسبوعية للأقصى، لضمان استمرارية المبادرة.

عهد الأقصى

وجذوة الدفاع عن الأقصى متقدة لدى الشاب محمد المصالحة من قرية الرينة قضاء الناصرة، التي دفعته لإطلاق مبادرة "عهد الأقصى"، وهو أشبه بقسم يتعهد فيه صاحبه بعدم الانقطاع عن المسجد خلال مدة زمنية محددة.

يقول مصالحة (25 عامًا) لـ"فلسطين": "في العادة يردد المصلون في الأقصى القسم خلال وجودهم في المسجد ويتعهدون بالدفاع عن الأقصى وحمايته، ولكن التعهد الكتابي كان قد مر عليّ قبل ثماني سنوات خلال مشاركتي في مخيم تعهد فيه الحضور بزيارة الأقصى مرة شهريًا".

ويتابع: "دائمًا الأشياء المكتوبة تحفر في القلب والعقل أكثر من العبارات التي يتم ترديدها لفظيًا، وتأثيرها النفسي أقوى من الكلام".

ويردف مصالحة لـ"فلسطين": "خلال الأشهر الأخيرة تصاعدت وتيرة الاعتداءات على الأقصى، حينها تناقشت مع أصدقائي حول فكرة بطاقة عهد الأقصى الممغنطة".

ولم يكتفِ أن تكون البطاقة ورقية بل جعلها ممغنطة، بحيث يمكن الاحتفاظ بها ولضمان عدم تعرضها للتلف.

وطبع مصالحة نحو 17 ألف بطاقة ممغنطة، تم توزيعها في آخر أيام شهر رمضان على المصلين الموجودين في الأقصى، وفي كل أسبوع يقوم بمساعدة رفاق له بتوزيع عدد منها.

والبطاقة معنونة "أناـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أتعهد بزيارة المسجد الأقصى المبارك مرة كل_____________ على الأقل، بإذن الله تعالى، وتم تذييلها بـ: صور، وشارك عبر الهاشتاج #عهد_الأقصى"، لافتًا إلى أنه يهدف إلى تشجيع غيرهم على زيارة الأقصى والوجود فيه.

ويؤكد مصالحة أن الهدف من المبادرة إعمار الأقصى بالمصلين والناس على مدار العام، وإحياء مدينة القدس وأسواقها القديمة وتقويتها اقتصاديا.

ويدعو الشباب إلى المبادرة بحملات وأفكار من أجل دعم المسجد الأقصى والرباط فيه، لتفويت الفرصة على الاحتلال بتمرير مخططاته التهويدية.