فلسطين أون لاين

الأحرار هم من يدفعون الضريبة من دمائهم

لماذا اغتال قناص الجيش الصهيوني الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة؟ لكي تعرف الإجابة يجدر بك أن تعرف أمرين: الأول: لماذا قتل الجيش عشرات الإعلامين قبل جنين في أثناء ممارساتهم لأعمالهم بحسب قواعد العمل الصحفي وشروطه؟ والثاني: رحلة شيرين الإعلامية التي واكبت نشأة قناة الجزيرة في عام ١٩٩٦م، حيث قامت شيرين بما تملك من ذكاء وفطنة وشجاعة بفضح العدوان الإسرائيلي، ولا سيما ضد الأطفال والنساء، حيث اتصفت تقاريرها بالموضوعية، والمهنية العالية، وأعتقد أن فضائية الجزيرة خسرت بمقتل شيرين صوتا إعلاميا مميزا.

كل التقارير الإخبارية التي خرجت من الميدان قالت بلا لبس إن شيرين قتلت برصاصة قناص إسرائيلي بشكل متعمد، وإنه لم يكن حيث وجدت أي من رجال المقاومة الفلسطينية، ولكن حكومة الاحتلال اعتادت قلب الحقائق، وتضليل الرأي العام الدولي. 

إن الموقف الأميركي من اغتيال شيرين لم يرتقِ لمرتبة أن المغدورة تحمل الجنسية الأميركية، وأن في قتلها إهانة لأميركا والإعلاميين الأميركيين لكونها تحمل الجنسية الأميركية. الإدارة الأميركية تدعو لإجراء تحقيق مشترك بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وهذه دعوة باردة تموت جذوتها بعد أيام قليلة. رشيدة طليب عضو الكونجرس الأميركي وضعت نقاطا على الحروف بقولها: شيرين قتلت برصاص دولة تتلقى مساعدات أميركية دون حساب، يجدر أن يقف التمويل الأميركي لمن يقتل الأميركيين والإعلاميين.

يبدو أن البيت الأبيض يفرّق بين أميركي، وأميركي، فالعربي الأميركي ليس له حقوق الأميركي الغربي من ذوي العيون الزرقاء! هناك فروق فارقة بين النوعين، حتى في مجال الموت وعند الاغتيال!

شيرين قتلت غدرا لأن حكومة الاحتلال لا تريد للإعلام أن ينقل وقائع اجتياح قواتها لجنين، لأن الحكومة تعلم مسبقا أن اجتياح جيشها فيه تغول، وتسكنه روح انتقام يحملها بين جوانبه بسبب الأعمال الفدائية الفردية الأخيرة، ولا سيما التي جرت وقائعها في تل أبيب، وهو يحمل مع الانتقام تحريضا يمينيا عالي الدرجة ضد جنين لأن من أوجع الاحتلال مؤخرا هم أبناء جنين. 

قتل شيرين غدرا لن يفت في عضد الصحفيين الفلسطينيين الذي تضامنوا مع شيرين وكأنهم جسد واحد، وحلقات متصلة، في كل مدن الضفة وغزة، هذا القتل سيحفز الصحفي الفلسطيني للعمل الإعلامي، وتحدي المحتل، ولن يسكت صوت الحقيقة بقتل شيرين، وما زال الطريق طويلا، ومفتوحا على غدر آخر ما لم يعاقب المجتمع الدولي القتلة. تعازينا لعائلة شيرين، وللعائلة الصحفية عامة، وللجزيرة التي احتضنت شيرين بين طاقمها الفذ. إن الله لا يهدي كيد الخائنين.