لا يكتفي العدو الصهيوني بما قام به من عدوان على شمال الضفة الغربية، ولن يكتفي بهدم بيوت الفلسطينيين في بلدة سيلة الحارثية، ولن يقنع الشارع الإسرائيلي بما قام به من اقتحامات لمدن الضفة الغربية واعتقالات، فالمزاج الإسرائيلي غير راضٍ عن عمل الحكومة، وما زال يعيش الرعب والخيبة للفشل في تحقيق الأمن، وللعجز حتى في إلقاء القبض على منفذي العمل المقاوم.
الحكومة الإسرائيلية الحالية ضعيفة ومفككة وآيلة للسقوط، والأحزاب المتآلفة داخل الحكومة تخشى المستقبل، حين تقف أمام صندوق الانتخابات، لذلك فالحكومة الحالية معنية بفرض هيبتها، حتى وهي تغادر موقعها، وهي معنية بتوصيل رسالة طمأنة إلى الشارع الإسرائيلي، وإعادة الثقة بقدرات الأجهزة الأمنية، وهي معنية بتعزيز قوة الردع لدى الجيش الصهيوني، وقد يكون رئيس الوزراء نفتالي بينت شخصيًا، معنيًّا بترميم حزبه الذي يتآكل في ظل التخبط السياسي، وتلك كلها أسباب قد تشكل القاعدة الصلبة لاتخاذ القرار الإسرائيلي بشن عدوان مفاجئ، وسريع وخاطف على قطاع غزة، عدوان يبدأ باغتيال عدد من قادة المقاومة، عدوان يذكرنا بعدوان 2008 الإرهابي، مع استعداد العدو لتلقي عدة رشقات من الصواريخ، ولعدة أيام، يتدخل خلالها الوسطاء، ويصير التوصل لاتفاقية تهدئة من جديد.
الحائط الفولاذي جزء من التفكير الصهيوني، والعدوان صلب وجودهم على هذا التراب، والظن الحسن بالعدو قد يشجع على المزيد من العدوان، لذلك فالشعب الفلسطيني في قطاع غزة أمام موجة من العدوان الإسرائيلي؛ تهدف إلى كسر الروح المعنية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس أولًا، وتهدف إلى حرف الأنظار عن أسباب التصعيد التي تمثلت بالاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثانيًا، وتهدف إلى الربط المباشر بين الفعل المقاوم في الضفة الغربية وبين التحريض المتواصل من قطاع غزة ثالثًا، وهذا ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية والقيادات السياسية على مدار الساعة، وهي تلقي بالمسؤولية الكاملة على عاتق يحيى السنوار قائد حركة حماس في غزة.
على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أن توصل رسالتها الجلية والواضحة إلى الوسطاء أولًا، وإلى العدو الإسرائيلي ثانيًا، بأن العدوان الإسرائيلي على أي شخصية قيادية للمقاومة الفلسطينية سيواجه برد غير مألوف، وغير متوقع، ولن يكون رد المقاومة سنة 2022، مشابهًا لرد المقاومة سنة 2012، حين اغتال العدو الشهيد أحمد الجعبري، على رجال المقاومة أن يستعدوا للعدوان، وأن يأخذوا حذرهم، فإفشال العدو في اغتيال أحد القادة بحد ذاته انتصار، والتهديد بحرب الاستنزاف طويلة الأمد إنجاز، والاستعداد لترك حبل غزة على غارب الانفلات الحياتي، والتسيب الأمني قد يرعب الإسرائيليين، والتلويح بنقل المعركة إلى داخل المدن الإسرائيلية، والعودة إلى إستراتيجية العمليات الاستشهادية بكل عنفوان وقوة، قد يشكل رادعًا للعدو، ويفرض عليه إعادة الحسبة بين الربح والخسارة، وبين المصلحة الحزبية والمصلحة الأمنية، والجميع يعرف أن قرار الحكومة الإسرائيلية محكوم بتوصية الأجهزة الأمنية.
ملحوظة: يحيى السنوار لم يعد قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار صار رأس حربة في صدر العدو، ورصاصة انطلقت من مكمنها، والسنوار صار منديل كرامة؛ يمسح دمعة أم الشهيد، ويواسي الجريح، ويهدهد أنات الأسير.
والسنوار صار وجع الإسرائيليين الدائم، واسألوهم عن الرعب الذي أصابهم في معركة سيف القدس.