استمعت جيدا إلى الخطاب الأخير لقائد حركة حماس في غزة السيد يحيى السنوار، لم يطالب دولة الاحتلال بالانسحاب فورا من كل فلسطين ولم يحدد لها زمنا لتفعل ذلك، وإن ذكر أن نهاية الاحتلال حتمية، ولكنه حذر بشدة من المساس بالأقصى ومقدساتنا، وحذر بشدة من تمادي العدو الإسرائيلي في جرائمه، وكذلك توعد بفك الحصار عن غزة بفتح ممر مائي رغم أنف الاحتلال، وهذه كلها تعد أساسيات للشعب الفلسطيني أو جزءًا منه ولا يمكن إغفالها، ولا يحق للمجتمع الدولي أو أي كائن عاقل إنكارها، وهي مقدمة ضرورية للوصول إلى حل مرحلي وإقامة دولة فلسطينية على المناطق المحتلة عام 1967 على أساس وثيقة الوفاق الوطني والإجماع الفلسطيني التي لا تتضمن اعترافا فلسطينيا بدولة الاحتلال ولا تتضمن التخلي عن حق الشعب الفلسطيني في تحرير بقية المناطق المحتلة أو التخلي عن أي من حقوقه وثوابته الأخرى.
حديث السنوار عن مهاجمة الكنس الإسرائيلية خارج دولة الاحتلال لم يكن في معرض التهديد وأن حماس ستنفذ ذلك، ولكنه قصد -حسب ظني- أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته على الأقصى والمقدسات الإسلامية في فلسطين سيؤدي إلى تحريك غيورين في العالم الإسلامي للانتقام من اليهود بمهاجمة أماكنهم التي يقدسونها، وهذا الأمر حدث مرات عديدة سابقا ولم يكن للفلسطينيين دخل فيه، فإن ازدادت الاعتداءات ستزداد عمليات الانتقام لتصبح الكنس الإسرائيلية هدفا لكل غيور على الأقصى حتى لو جاء كلام السنوار بصيغة التهديد أو التحريض.
العمليات الفدائية الفردية ضد المحتل الإسرائيلي التي تحدث في الضفة الغربية أو داخل الكيان الإسرائيلي لا تحدث من فراغ، بل لكل منفذ عملية دافعه الخاص به، وفي العملية التي حصلت يوم الخميس وتسببت بمقتل 3 أو أكثر من اليهود ربما يكون الدافع هو أحد مشاهد الاعتداءات التي حدثت في ذات اليوم في الأقصى، فربما يكون الدافع هو خلع حجاب المسلمة الجزائرية في الأقصى والاعتداء عليها من قبل جنود الاحتلال، أو ربما يكون الاعتداء على المرابطات وضربهن أو ضرب كبار السن، وربما يكون الدافع مجرد رؤية مستوطن يدنس الأقصى أو يرفع علم الاحتلال فيه، المشاهد تلك مجتمعة أو منفردة قد تتسبب بتحريك الشباب الفلسطيني لتنفيذ عمليات دون سابق تخطيط، وقد يتسبب في حرب مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ومع الشعب الفلسطيني داخل المناطق المحتلة عام 48، ومن هذا المنطلق على الاحتلال أن يعيد كل حساباته.