بعد القمة الثلاثية التي عقدت في قصر الاتحادية بالقاهرة، التي احتضنت رؤساء الدول الثلاث (مصر، والأردن، والإمارات)، يتوجه محمود عباس للأردن للتباحث مع الملك والاطلاع على نتائج القمة التي غاب عنها. القمة كما ذكر البيان الصادر عنها ناقشت قضية الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى. القضية موضوع النقاش هي قضية تخص بالأساس السلطة الفلسطينية، التي غُيب رئيسها عن اللقاء.
الذين يبحثون في موضوع الغياب يرون أن ذلك يرجع للعلاقة الفاترة للسلطة مع بعض المشاركين في القمة، ومن ثمة تأتي الزيارة لعمان لتعويض حالة الغياب، إذ لا يعقل تنفيذ أي سياسة في القدس دون تعاون جيد مع السلطة، ومن ثمة كان تصريح الأردن بأنه مع إحداث تعاون جيد مع السلطة، وهو أفضل من ترك الأمور للفوضى، ولتزايد نفوذ المسلحين.
التصريحات التي صدرت عن القمة الثلاثية تحدثت ضد الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وأن القمة مثلت ضغطا على حكومة الاحتلال لوقف تغولات المستوطنين وجماعات الهيكل؟! ولكن هذه التصريحات لا تصمد أمام تصريحات مسؤول الملف العربي في المكتب السياسي لحماس، الذي قال فيه: "من يطالبنا بالهدوء عليه أن يعيد لنا حقوقنا المسلوبة"! ما يؤكد صدق التحليلات التي قالت إن القمة استجابات في انعقادها لطلب إسرائيلي بالتدخل من أجل لجم حماس والأحداث في الأقصى والتي هي وليدة تحريضات المتطرفين، على حد قولهم! وبهذا تكون القمة الثلاثية قد حلت محل العلاقة المباشرة بين تل أبيب وعمان، حيث تشهد العلاقة فتورا وخلافا، لحين إحداث تصالح بينهما.
ما قيل في تصريحات القمة عن الضغط على (إسرائيل) لوقف اقتحامات الأقصى، هو الشكل الخارجي الموجه للرأي العام الفلسطيني والعربي، والذي يخفي خلفه الحقيقة التي تقول: إن الأطراف إضافة للسلطة (وإسرائيل) يبدون قلقا من تزايد نفوذ حماس والفصائل في قضية الأقصى، والدفاع عنه، وكان الأقصى قد هتف لمحمد الضيف دون غيره، وحيث تتحدث المصادر العبرية عن دور حماس وأطراف متطرفة في تأجيج الأحداث، ومزاعم ذبح القرابين، بل إن بعض القيادات الحزبية العبرية ، وقيادات المخابرات السابقين تحدثوا عن نجاح حماس في هذه المعركة، من خلال التحريض والتهديد، اللذين منعا ذبح القرابين، وقلصا حركة مسيرة الأعلام، ومن ثمة فمن حق حماس الاحتفال بهذا النصر.
طبعا لا تخلو التصريحات العبرية هذه من التحريض على حماس والمقاومة، ولكن خطاب حماس يؤكد بعض ما قيل، حيث ينسب قادة منها أن النصر الذي تحقق بالصفات المذكور يرجع للمرابطين من ناحية، ولتهديدات غزة بالذهاب لمعركة (سيف القدس ٢).
المهم أن المحللين يكادون يتفقون على أن القمة لم تمثل ضغطا على حكومة تل أبيب، ومن يريد الضغط منهم عليها فلديه ورقة التعاون الأمني، وورقة التبادل الاقتصادي، وورقة الكهرباء والمياه، وخلاف ذلك، ويمكنه القيام بذلك دون تعاون السلطة، ودون عباس!