أحيانا نلوم رؤساء الدول العربية حين يجسدون قول فرعون: لا أريكم إلا ما أرى، ولكننا هذه الأيام نعاني من شخصيات لا وزن لها ولا شأن، وأحيانا تكون منبوذة قد " تفرعنت" في الخطبة والخطاب والمقال وحتى في منشورات التواصل الاجتماعي، ترى هؤلاء والشرر يتطاير من عيونهم ويزبدون ويرعدون حين يوجهون رسائلهم إلى إخوانهم في الأحزاب الأخرى وتراهم كالحملان أو الخرفان حين يكون خطابهم موجها للعدو الإسرائيلي.
استفزني أحد كبار السن صغار الشأن يكتب في صحيفة فلسطينية تصدر في ضفتنا العزيزة حين قال: علينا قراءة أبعاد أي عمل مسلح لمعرفة مدى انسجامه أو مخالفته لبرنامج منظمة التحرير، لأنها هي من تقرر مناهج الكفاح وأساليبه وأدواته كونها الممثل الشرعي والوحيد، ويضيف أنه شخصيا ممن يعتقدون بعدم جدوى العمل المسلح ليس في هذه الظروف بل وفي أي ظرف قادم.
أما بالنسبة لمنظمة التحرير وفصائلها فهي تمثل جزءا أساسيا من الشعب الفلسطيني، ولكنها حسب آخر انتخابات لا تمثل غالبية الشعب، وعليه فإن مناهجها ملزمة فقط لفصائلها، أما باقي الفصائل فلها مناهجها وبرامجها، ولولا ذلك لما كانت الخلافات الداخلية والانقسام، ونتمنى أن تتم إعادة تأهيلها لتكون ممثلة لكافة الفصائل الوطنية والإسلامية حسب ما تم الاتفاق عليه، وأما البرامج الملزمة فهي ما تتوافق مع عقيدتنا ومصالح شعبنا وثوابته، والقول إنه لا يجوز مخالفة برنامج المنظمة أو برنامج أي حزب آخر فذلك من أبشع صور الاستعلاء والإقصاء، ولا يستطيع أي حزب أو تنظيم فرضه على الساحة الفلسطينية، فضلا عن أفراد مهووسين بالقوة الخادعة للأقلام والأضواء والأمر الواقع.
أما اعتراف الكاتب بأنه لا يؤمن ولا يعتقد بجدوى العمل المسلح في هذه الظروف وفي أي ظرف قادم، فهو اعتقاد صائب _ الذي يؤمن بأن الحياة مفاوضات_ وغيره من قادة منظمة التحرير وليس اعتقاد الكاتب وحده، وهو على أي حال اعتقاد خاطئ ينم عن استسلام كامل لا ينجح معه أي مشروع تحرري.
في النهاية أقول إن مثل هذه الكتابات التي هي أقرب إلى الهرطقة لا تخدم إلا صاحبها من أجل الوصول إلى منصب دنيوي دنيء، ورجل أدمى يديه وأهلك لسانه من كثرة التسحيج والتهليل والردح لا يؤخذ منه ولا يؤبه له، ولكن لا بد من نصيحته حتى يعرف أنه ليس موفقا ولا يأتي من طرفه مطر حتى لو ادعى ذلك.