فلسطين أون لاين

الخيل.. أحبها سليمان واهتم بها العرب وكرَّمها القرآن

...
صورة أرشيفية
د. زهرة خدرج- كاتبة وروائية فلسطينية

تعرفون الحصان أليس كذلك؟ وتعرفون أيضاً أنني أُسمى جواداً، وتُسمى أُنثاي فرسًا وصغيري مهرًا أو فلوة، أما مجموعنا فيسمى خيل وصوتنا صهيل.

سمانا العرب خيلاً لأنهم وجدوا الخُيَلاءِ في مشينا وعدوِنا وفي أثناء وقوفنا.. لا أظنُّكم تعلمون أن إسماعيل أبا العرب (ابن نبي الله إبراهيم) هو أول من روَّض الخيل واستأنسها وركب ظهورها، بعد أن كانت برية تعيش في جماعات في البراري.. لتصبح بعد ذلك الوسيلة الأهم للتنقُّل في جزيرة العرب، وبقية مناطق العالم.

وأصبحت الخيول تشكِّل فارقاً في المعارك والحروب، وصارت محطَّ فخر بين القبائل العربية، وصار الاهتمام بها مظهراً من مظاهر القوة والجاه والسلطان، وأطلقوا عليها أسماءً من أسماء البشر لشدة اهتمامهم بها مثل: زياد وزبير والسيّد وعمير ومازن والكامل والأشهب والأدهم...الخ. وأظنكم سمعتم بحرب داحس والغبراء وهي أسماء لخيول حدثت حرب بين قبيلتي عبس وذبيان العربيتين بسببهما.

نحن الخيول كائنات حساسة حادة الطباع وفيَّة ذكية، لنا عيون واسعة تزيد من جمالنا، وذيل يكسوه شعر طويل أملس، وقوائم طويلة تنتهي بحوافر رفيعة تحمل جسداً قوياً رشيقاً جذب نبي الله الملك سليمان لأن يحبنا ويُكثر من تربيتنا، وأَثنى علينا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:" الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة". وكرَّمنا القرآن بذكرنا خمس مرات في سور خمس. رُبطت القوة في القرآن بالخيل، حيث قال الله عز وجل:" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم".

وأقسم الله عز وجل بنا في سورة العاديات تشريفاً لنا ورفعاً لِذِكْرِنا، حيث وصف حركاتنا بالتفصيل، منذ أن نبدأ بالعدو والجري، نضبح بأصوات أنفاسنا حين نجري لملاقاة الأعداء، فنغير عليهم في الصباح الباكر لنفاجئهم، ونقرع الصخر بحوافرنا فيطير الشرر منها، ونثير الغبار ونحن نتوسط صفوف الأعداء، ونوقع بينهم الفوضى والاضطراب، " والعاديات ضبحاً، فالموريات قدحاً، فالمغيرات صبحاً".

أحبَّنا نبي الله سليمان، واهتمَّ بنا، وركبَ ظهورنا ليجاهد في سبيل الله، وكانت خيل سليمان قوية سريعة تجيد إظهار جمالها، وكان يعتني بها بنفسه فينظمها ويدربها على فنون القتال وأصول الحرب.

هل سمعتم بخيل سليمان المجنَّحة؟ نعم كان له خيل لها أجنحة أحبها نبي الله سليمان بشغف واعتني بها بشكل خاص، وذات مرة كان يجري لهذه الجياد استعراضاً عسكرياً، ويأمرها بالعدو والعودة ليختبر قوتها ومدى ملاءمتها للجهاد في سبيل الله، ولم ينتبه سليمان أن النهار يوشك أن ينقضي إلا عندما أخذت الشمس في الزوال، فانتبه إلى أن خيله شغلته عن الصلاة، فندم على ذلك وعاد إلى ربه يطلب منه المغفرة.

ذُكرنا كثيراً في الشعر.. ولعل أشهر بيت قيل عنا ما حكاه الشاعر المتنبي:

وخير مكان في الدنا سرجٌ سابحٌ*** وخير جليس في الزمان كتاب

فهل جربتم أصدقائي ركوب ظهر الخيل لتدركوا ما حدثتكم عنه هنا؟؟