فلسطين أون لاين

​بعمر 6 سنوات يكون مهيأً

تأخير إلحاق الطفل بالمدرسة يرهقه نفسيًّا ولا يخدمه علميًّا

...
غزة - هدى الدلو

في بعض الأحيان يتخذ الوالدان قرارات بشأن أبنائهم تنم في ظاهرها على أنها تحمل الخير للأطفال، ولكن فيما بعد يظهر بوضوح خطأ الأهل فيما فعلوه، وحينها يكون قد فات الأوان وخرج عن نطاق قدرتهم وتصرفهم، فيتحمل الابن بمفرده نتائج القرارات الخاطئة لأبويه، ويعاني الآثار النفسية المترتبة عليها، ومن ذلك قرار تأخير إلحاق الابن بالمدرسة لمدة عام، على اعتبار أنه سيكون أكثر وعيا وفهما عندما يكبر سنة كاملة، إلا أن هذا القرار، إن لم يكن مبنيا على أسباب منطقية، سيكون وبالًا على الابن عندما يجد نفسه محاطا بزملاء أصغر منه.. التقرير التالي يتناول فكرة تأخير إلحاق الطفل بالمدرسة..

سأتعب معه


لم تسع الفرحة الطفل حسام موسى (6 سنوات) عندما اشترت له والدته الزي المدرسي والأدوات المدرسية من دفاتر وأقلام، فهو ينتظر على أحر من الجمر أن يلتحق بالمدرسة ويجلس خلف المعقد وآذانه صاغية لمعلّمته، ولكن هذا الحماس الشديد لم يكن كافيا لاجتياز عامه الدراسي الأول في المرحلة الابتدائية.

وقالت والدته: "بعد ثلاثة أسابيع من بدء الدراسة، لاحظت أن طفلي لا يجيد مسك القلم والكتابة بالطريقة الصحيحة، ولم أعلم السبب في ذلك"، مضيفة: "كان حسام قد التحق بروضة للأطفال، ولكني لم أتابعه بشكل جيد في تلك المرحلة بسبب مشاغلي الكثيرة".

والدة حسام معلمة تقضي ساعات الصباح في الدوام المدرسي، وبعد عودتها تنهمك في أعمال البيت، لذا فإنها عندما كان ابنها في الروضة، كان كل ما تفعله هو أن تطلب منه الجلوس عندها في المطبخ أثناء إعدادها وجبة الغداء ليكتب واجباته، دون الانتباه لمدى صحة ما يكتبه.

وأضافت: "عدم رضاي عن مستوى ابني دفعني لاتخاذ قرار بألا يذهب إلى المدرسة، وتأجيل التحاقه بها للعام التالي، بدلًا من أن يتعبني في تعليمه ودراسته، وبالفعل لاحظت تغييرا إلى الأفضل في مستواه عندما عاد إلى المدرسة في العام الماضي".

سبب له الإحراج

بينما "هيثم جمال" (11 عامًا) اتخذ والده قرارًا بتأجيل دراسته بسبب ضعف مستواه، فالأب يريد أن يصنع من ابنه رجلا ناجحا في المستقبل، وعن التأجيل قالت والدته: "لم أكن أتخيل أن يتخذ زوجي هذا القرار، وحاولت إقناعه بالتراجع عنه حتى لا يضيع من عمر ابننا عام كامل، ولكنه لم يقتنع على اعتبار أنه أكثر دراية بمصلحة ابنه".

لم يأخذ "هيثم" فترة الدراسة في الروضة على محمل الجد، بل كانت بالنسبة له مكانا للعب والمرح، ولذا لم يكن يشعر بفارق العمر بينه وبين زملائه، ولكنه انتبه لهذا الأمر في المدرسة، حيث وجد أن زملاءه أصغر منه، وكلهم يظنوا أنه يكبرهم لأنه رسب في إحدى السنوات، وبالتالي أصبح يشعر أنه أقل منهم، خاصة عندما يقارن نفسه بأبناء أعمامه الذين يساوونه في العمر ويكبرونه في الدراسة.

قدراته تكتمل

بينما قال الأخصائي التربوي داود حلس: "من ناحية علمية، فإن الطفل بمجرد أن يصبح بعمر الست سنوات فهو مهيأ للالتحاق بالمدرسة، إذ تكون قدراته العقلية قد اكتملت في هذه الفترة، بالإضافة إلى القدرات اللغوية التي تبدأ من عمر ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، ثم يضاف إليها القدرات المعرفية الأخرى".

وأضاف لـ"فلسطين": "ثبت علميا أن الطفل بعمر ست سنوات يكون قد اكتمل نضجه الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، وأصبح مؤهلا لدخول المدرسة والتكيف في غرفة الصف المدرسي".

وبين حلس أن التحاق الطفل بالمرحلة الابتدائية إلزامي، وعدم دخوله المدرسة في العمر المحدد أمر يُعاقب عليه الأهل وفقا للقانون، كما أن الآباء ليس لهم الحق في تأخير الطفل سنة كاملة.

وأوضح أن التأخير سيؤدي بالطفل إلى ظهور آثار نفسية على شخصية الطفل، بحيث يشعر أنه أقل من غيره، وستسبب له نظرة الآخرين قدرا كبيرا من الإحراج، بالإضافة إلى الأثر النفسي بسبب تأخيره مدة عام كامل، وإن لم تظهر هذه الآثار في الطفولة، فهناك آثار أخرى ستكون واضحة في المستقبل.

ونوه حلس إلى أنه يجب على الآباء التفكير جيدا قبل اتخاذ قرار عدم إلحاق طفلهم بالمدرسة في العمر القانوني، لاعتقادهم بأنه غير متقبل لفكرة الدراسة، أو لخشيتهم من التعب في تعليمه.

وأكد على ضرورة أن يكون للإعلام التربوي دور كبير في توضيح السن القانوني للالتحاق بالمدرسة، وأن الطفل يكون مهيأ من كل النواحي.