فلسطين أون لاين

تقرير ساحات "الأقصى" تنتفض ومنظمة التحرير تغيب عن المشهد

...
صورة أرشيفية
رام الله- غزة/ نور الدين صالح:

في الوقت الذي تشتعل فيه ساحة المسجد الأقصى بالمواجهات بين قوات الاحتلال والمصلين التي تأخذ تصاعداً في وتيرتها، تبدو منظمة التحرير "غائبة تماماً" عن المشهد، ما يثبت هشاشتها وضعف القيادة المتنفذة القائمة عليها في التعامل مع الأحداث الجارية.

ومنذ اندلاع الأحداث في الأقصى طيلة الأسبوع الماضي، لم يظهر أي دور واضح لمنظمة التحرير التي من المفترض أن تكون ممثلاً للكل الفلسطيني، في الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والشعب الفلسطيني بأكمله من جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحقهم، وفق مراقبين.

واتضح ذلك الضعف جلياً في اجتماع ما تُسمى "القيادة الفلسطينية" الوحيد والمتأخر والمُقرر الأحد الماضي، لكن تم تأجيله وفق ما ذكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد، والسبب هو "وجود التزامات وأولويات" لدى الرئيس محمود عباس، دون تحديد موعد آخر.

ويترك مبرر عباس المتعلق بتأجيل الاجتماع الذي أغضب مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، عدة تساؤلات أبرزها "ماهي الأولويات التي تسبق حماية المسجد الأقصى من جرائم الاحتلال ومحاولات (إسرائيل) تقسيمه زمانياً ومكانياً؟".

وفي وقت لاحق، كشف مصدر لوكالة "قدس برس"، أن الاجتماع تم إلغاؤه وليس تأجيله، بسبب البيان الذي صدر عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الجمعة الماضية، المتعلق بالاتصالات التي أجراها مع أطراف عربية وإقليمية ودولية نافذة.

ووفق المصدر؛ فقد شكّلت الشخصيات التي تواصلت مع هنية، صدمة كبيرة لقيادة السلطة التي لم تتواصل أي من تلك الشخصيات معها، ولم تستجب للاتصالات التي أجرتها قيادة السلطة مع تلك الأطراف وغيرها.

غياب المؤسسة 

يرى عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" حاتم عبد القادر أن تأجيل الاجتماع في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها مدينة القدس والشعب الفلسطيني على ضوء التصعيد الإسرائيلي الأخير "أمر مُستغرب".

ويقول عبد القادر لصحيفة "فلسطين"، "كان أقل القليل أن تلتقي القيادة لبحث التصعيد وتتخذ قرارات من أجل مواجهة هذه الحرب التي تخوضها (إسرائيل) ضد الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية وأبرزها القدس".

وعدّ التأجيل دون تحديد موعد آخر للاجتماع دليلاً على "عدم وجود قيادة فلسطينية" قادرة على بحث قضايا الشعب الفلسطيني بصورة واضحة وجدية، مضيفاً أن "مسألة عقد الاجتماعات وتأجيلها أصبحت مزاجية، لا تراعي المصلحة العليا للشعب الفلسطيني".

وشدد على أنه "لا توجد أولوية أكثر مما يتعرض له الأقصى والقدس التي يتغنون بأنها العاصمة والمساس بها خط أحمر"، متابعاً "نحن نواجه حرب من حكومة يمينية متطرفة ومستوطنون يحاولون الانقضاض على الأقصى وتقسيمه زمانياً ومكانياً وتقويض صلاحيات الأوقاف فيه".

وبيّن أن الهبة الشعبية في القدس والداخل بحاجة لإسناد سياسي وإعلامي من قيادة السلطة.

موقف ضعيف

يرى الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، أن دور السلطة والمنظمة في الأحداث الأخيرة بالمسجد الأقصى "ضعيف ولا يلبي الحد الأدنى من المطلوب منها"، كونها المفترض أن تكون حامية للشعب والمقدسات.

وقال سويرجو خلال حديثه لصحيفة "فلسطين": إن السلطة أصبحت تأخذ موقفاً حيادياً نتيجة الضغوط المستمرة عليها، معتبراً ذلك "تواطئاً" مع الاحتلال ودول الإقليم التي تساعد (إسرائيل) في تصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف "آن الأوان أن تقول السلطة كلمتها أو ترحل، لأن الاستمرار بهذه السياسة لن ينتهي إلا بانتهائها بطريقة مأساوية، وقد ينتفض الشعب نتيجة لهذا الدور المتخاذل الذي لا يعبر بأي شكل عن الحد الأدنى عن وطنيتها".

ورأى سويرجو، أنه "لا يوجد شيء اسمه القيادة الفلسطينية، إنما هو اجتماع لقيادات السلطة والمتنفذين في منظمة التحرير المسيطرين على النظام السياسي الرسمي الفلسطيني"، مشدداً على أنه "لا يوجد أي أولوية تتقدم على المقدسات الإسلامية والشعب الفلسطيني".

وعدّ التأجيل "تجاوباً مع الضغوط الإسرائيلية والعربية لمنع قيادة السلطة من اتخاذ أي موقف منحاز للشعب الفلسطيني، كونه لم يعد لها مصلحة في المواجهة".

وفي ظل استمرار حالة ضعف المنظمة، أكد سويرجو أنه لا خيارات أمام الفصائل الفلسطينية، إلا تشكيل جبهة وطنية موحدة في مواجهة الفريق المتنفذ والمسيطر على المنظمة والعمل بشكل مستمر على انتزاع الشرعية منه، كونها ملكا للكل الفلسطيني وليس لهذا الفريق.

ودعا فصائل المقاومة للاستمرار في تعرية القيادة وكشفها أمام الشعب الفلسطيني وكل الغيورين على القضية الفلسطينية.

وأيّد ذلك أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح د. رائد نعيرات، كلام سابقه في غياب منظمة التحرير بشكل تام تجاه الأحداث الجارية في المسجد الأقصى.

وبيّن نعيرات خلال حديثه لـ "فلسطين"، أن قيادة السلطة لا تمتلك أي أداة تأثير، وسيكون مخرجات اجتماعها "حال انعقاده" عبارة عن كلام نظري دون تطبيق فعلي على أرض الواقع.

ويعتقد أن "القيادة الفلسطينية"، كانت تطمح لعقد اجتماع بحضور كل الفصائل الفلسطينية، "لكن هذا الأمر لم يحدث" مما دفعها لإعلان التأجيل.

وبحسب نعيرات، فإن منظمة التحرير بحاجة إلى إعادة بناء مؤسساتها وتفعيل أجسامها ومنحها دوراً وطنياً، وذلك عبر إجراء انتخابات شاملة يتم خلالها اختيار ممثلين من الكل الوطني الفلسطيني.

وأشار إلى أن المنظمة هي البيت الجامع للكل الوطني الفلسطيني، "لكنها ليست هكذا حتى اليوم".

وفي نهاية المطاف، إلى متى سيستمر ضعف دور منظمة التحرير التي من المفترض أن تشكل درعاً حامياً للمقدسات الإسلامية وأبرزها المسجد الأقصى وكل أبناء الشعب الفلسطيني الذين يتعمق جراحهم يوماً بعد آخر، وينتظرون من يداويها؟