فلسطين أون لاين

تقرير "الإضراب عن الطعام".. سيف الأسرى لمواجهة عنجهية إدارة السجون

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

على مدار أكثر من نصف قرن ينتهج الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، سياسة "الإضراب المفتوح عن الطعام"؛ رفضًا لممارسات إدارة السجون العنصرية بحقهم ونيل المطالب الحقوقية العادلة لهم.

ويُعد "الإضراب عن الطعام" الوسيلة الأنجع للأسرى، ولا سيّما الإداريين منهم، الذين يعانون قهر السجن على خلفيات "مجهولة"، ودون تحديد المُدد لهذا الأسر، عدا عن محاكمتهم في محاكم صورية عسكرية دون حضور المحامي.

وعاش مئات الأسرى تجربة الإضراب عن الطعام الذي بدأت أول تجربة فيه داخل سجن نابلس في أوائل عام 1968، حينما خاض الأسرى إضرابًا استمر ثلاثة أيام، رفضًا لسياسة الإذلال والضرب التي تعرضوا لها على يد جيش الاحتلال.

والإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ "معركة الأمعاء الخاوية"، هو امتناع المعتقل عن تناول جميع أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، إذ يترتب على هذه الخطوة مخاطر جسيمة – جسدية ونفسية- على الأسرى وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم.

ومن شهداء الإضراب في الحركة الأسيرة عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد بتاريخ 11/7/1970، خلال إضراب سجن عسقلان، وهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام.

وظلّت السمة السائدة هي الإضرابات الجماعية للأسرى الفلسطينيين، حتى عام 2012، حينما خاض 1600 أسير فلسطيني الإضراب وامتنعوا عن تناول وجبات الطعام، إذ أطلقوا عليها "معركة الأمعاء الخاوية".

لكن نقطة التحول من الإضرابات الجماعية إلى الفردية، كانت شرارتها من الشيخ خضر عدنان الذي بدأ إضرابًا عن الطعام في 12 يناير/ كانون الثاني 2012، استمر لمدة 66 يومًا، تعرض خلالها لتهديدات من إدارة السجون لثنيه عن الإضراب والتراجع عنه، لكن "لم يستجب"، إلى أن أُفرج عنه في شهر أبريل/ نيسان من العام ذاته.

وسار على ذات النهج بعده الأسير أيمن الشراونة من الخليل، الذي بدأ إضرابه عن الطعام في 1 أغسطس/ آب 2012، احتجاجًا على إعادة اعتقاله في يناير 2012، عقب تحرره في صفقة "وفاء الأحرار"، حيث استمر إضرابه 261 يومًا.

وسار من بعدهم الأسيرين ثائر حلاحلة وبلال ذياب، حينما أعلنا إضرابهما في 28 من شباط/فبراير 2012، احتجاجًا على استمرار سياسة الاعتقال الإداري دون تهمة موجّهة.

وفي 27 يوليو 2020، خاض الأسير ماهر الأخرس إضرابًا عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري في سجون الاحتلال، استمر 103 أيام حتى علقه في 6 نوفمبر 2020 بعد اتفاق مع إدارة السجون بالإفراج عنه في 26 نوفمبر 2020.

ولا يزال قطار الأسرى المضربين عن الطعام مستمرًا، وآخرهم الأسير خليل عواودة، الذي يخوض إضرابًا عن الطعام منذ 3 مارس/ آذار الماضي حتى الآن، رفضًا لسياسة الاعتقال الإداري الظالمة، ولا سيّما أنه لم يتم توجيه أي تهمة له.

في حين يواصل حوالي 500 أسير إداري مقاطعة المحاكم العسكرية الإسرائيلية منذ أكثر من 100 يوم، رفضًا لهذه السياسة العنصرية، وللمطالبة بضرورة تحديد سقف زمني للإفراج عنه.

بدوره، يقول رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى أمين شومان، إن الأسرى يخوضون الإضرابات عن الطعام مرغمين لكونه لم يبقَ أمامهم أي أمل للتحرر والانعتاق من الاعتقال الإداري سوى الإضراب الفردي المفتوح عن الطعام.

وبيّن شومان خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن الأسرى يصرون على الإضراب على الرغم من أنه يكلفهم ثمنًا باهظًا، قد يؤدي إلى ارتقائهم شهداء، نتيجة ممارسات الاحتلال ضد المضربين وخاصة محاولات تغذيتهم قسريًا.

ورأى أنه من "غير المقبول تغذية الأسرى قسريًا، لكونه يشكل إعدامًا وتشريعًا بالقتل ضدهم"، مشيرًا إلى أن الإضرابات الفردية شهدت تحولًا منذ أن بدأها الشيخ خضر عدنان عام 2012.

ولفت إلى أن مئات الأسرى الإداريين خاضوا الإضرابات الفردية عن الطعام حتى تحقيق الهدف الواضح والمنشود وهو تحديد سقف زمني للإفراج عنهم.

وأضاف أن "الإضراب له انعكاسات على الأسرى، إذ يعد صمودًا أسطوريًا بطوليًا وانتصارًا للحركة الأسيرة وتحديًا لإدارة السجون في التعامل مع الإداريين"، موضحًا أنه يرفع من معنويات الأسرى بشكل عام ويوصلهم للانعتاق من الاعتقال الإداري.

وأوضح أن الإضراب له نتائج مؤكدة ويحقق إنجازات جديدة للحركة الأسيرة ضد آلة البطش الإسرائيلية التي تسعى لحرمان المضربين عن الطعام من زيارة ذويهم، وتمارس بحقهم أبشع الانتهاكات.

وأكد أن الاحتلال يمارس انتهاكات ممنهجة ضد الأسرى المضربين منذ بداية دخولهم فيه، أبرزها عزلهم انفراديًا، والحرمان من زيارة الأهل ولقاء المحامين، وتغييبهم عن واقعهم الاعتقالي وعزلهم عن العالم الخارجي، من أجل الضغط عليهم وعدم تحقيق أهدافهم المرجوة.