تشدد سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها القمعية في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، وأبرزها محاربة الاعتكاف الذي يشهد إقبالاً كبيراً من المصلين والمقدسيين، في محاولة لإفراغ المسجد والانقضاض عليه.
ومن الواضح أن الاحتلال دأب إلى خطوة منع المصلين من الاعتكاف في الأيام الأولى من شهر رمضان خشية تدهور الأوضاع في المسجد الأقصى واندلاع مواجهات بين المصلين والمستوطنين الذي يعكفون على الاحتفال بالأعياد التلمودية في باحات الأقصى.
ليست هذه المرة الأولى التي يحارب فيها الاحتلال الاعتكاف، لكن هذا العام تزامن القرار مع مخطط أعلنه المستوطنون لتنفيذ اقتحامات واسعة للأقصى فيما يسمى بـ"عيد الفصح اليهودي" الذي يوافق 15 أبريل/ نيسان الجاري، وتقديم "قرابين" في باحاته ضمن مساعيهم لتقسيمه، وإقامة "الهيكل" المزعوم مكانه.
المرابطة والناشطة المقدسية هنادي حلواني تقول إن الاحتلال يستخدم هذه السياسة منذ سنوات طويلة، لكن وتيرتها اشتدت أكثر خلال هذه العام لكونها تزامنت مع الأعياد اليهودية.
وأوضحت حلواني في حديث لصحيفة "فلسطين" أن شهر رمضان مميز لدى المسلمين عامة والفلسطينيين بشكل خاص، لكونهم يقضون جل أوقاتهم في المسجد الأقصى ويؤدون صلاة التراويح والاعتكاف، منبهة إلى أن الاحتلال يريد إفراغ المسجد من المرابطين والمصلين عبر قرار منع الاعتكاف، للانقضاض عليه وتسهيل اقتحامه من المستوطنين وأداء الطقوس التلمودية وأعيادهم المزعومة.
وأكدت أن المسجد الأقصى في خطر مع تزايد تهديد المستوطنين باقتحامه وذبح "القرابين" فيه يوم الجمعة القادم، لذا يجب البقاء المستمر في باحاته والاعتكاف فيه لحمايته من أي اقتحامات أو انتهاكات إسرائيلية.
وبحسب حلواني، فإن الحل الوحيد أمام الفلسطينيين والمقدسيين تحديدا هو الاعتكاف والرباط في المسجد الأقصى الذي يُعد جزءاً من العقيدة، مشددة "لن نسمح للاحتلال بتنفيذ مخططاته في الأقصى".
وحذّرت من إقدام المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى بشكل مفاجئ، الأمر الذي يستدعي البقاء المستمر من كل أطياف شعبنا فيه، داعيةً إلى الاستمرار في إحياء حملة "الفجر العظيم".
وأوضح مدير مركز زيد ابن ثابت لتعليم القرآن الكريم في القدس، الشيخ عبد الرحمن بكيرات، أن سياسة الاحتلال هذا العام تختلف عن كل الأعوام السابقة من حيث تشديد الإجراءات ومنع تواجد الكثير من الشخصيات الدينية والمقدسية، مردفا أنه من الواضح أن هناك مخططات مُبيتة يريد الاحتلال تنفيذها في المسجد المبارك خلال شهر رمضان، لذا يقدم على حملات مكثفة ضد المقدسيين وأبرزها منع الاعتكاف وإبعاد الشخصيات الدينية عن القدس.
ووصف بكيرات في حديث لـ"فلسطين" الحملات التي يشنها الاحتلال بـ"المسعورة وغير المسبوقة"، ضد المقدسيين والمشاركين في أي فعاليات، بالإضافة إلى فرض أحكام عالية ضدهم، مشدداً على أنه لن ينجح في تقسيم الأقصى مهما رسم من مخططات.
وبيّن أن الاحتلال يسعى من خلال منع الاعتكاف إلى تفريغ المسجد الأقصى من المصلين، وخاصة في ساعات الصباح الباكر، لتنفيذ مخططاته وعدم صدها من المعتكفين، لافتا إلى أن الشباب المقدسي والمعتكفين يرفضون كل إجراءات الاحتلال ويسطرون مواقف بطولية من خلال التصدي للممارسات العنصرية.
ودعا المقدسيين وكل أطياف شعبنا للرباط والبقاء المستمر في ساحات المسجد الأقصى، للتصدي لكل الإجراءات العنصرية وإفشال مخططات المستوطنين والاحتفال بأعيادهم المزعومة.