"هكذا يغرسون العنف والإرهاب في أطفال غزة، لعبة (الطريق إلى القدس) مليئة بالصواريخ والأسلحة والعنف.."... اعتلت ابتسامة واسعة وجه الشاب محمد العمريطي (33 عامًا)، وهو يقرأ أول رد فعل إسرائيلي على تصميمه لعبة ورقية تحاكي لعبة "السلم والثعبان" العالمية.
ورغم تهمة الإرهاب، ازداد العمريطي (33 عامًا) راحةً في جلسته وهو يواصل قراءة التعليق الذي نشره، منسق شؤون حكومة الاحتلال الجنرال "يوآڤ مردخاي"، على صفحة "المنسق" في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ورفض فيه فكرة اللعبة.
"لم ينشرح صدري من قبل كما انشرح عندما قرأت تصريح مردخاي"، قال الشاب، وزاغ بصره إلى اللعبة الورقية، وبدا فخورًا.
قبل ستة أشهر، راودت الشاب فكرة إعداد لعبة تحاكي "السلم والثعبان"، مع اختلاف في الشكل والمحطات، فالهدف منها الوصول للقدس بعدة وسائل تتمثل بالمقاتلين المُدرَّبين والأنفاق والصواريخ.
وتُعد هذه الوسائل، أهم ما تملكه بعض فصائل المقاومة في غزة؛ وتصدت بها لجيش الاحتلال في عدة معارك.
وتمتلك أجنحة عسكرية صواريخ متنوعة قصفت بها مدنًا محتلّة لأول مرة منذ احتلال فلسطين عام 1948. كما توجد أنفاق أرضية نفذت من خلالها كتائب القسام التابعة لحركة حماس، عمليات تسلل خلف خطوط جيش الاحتلال، شمال وشرق قطاع غزة، وقتلت عددًا من جنوده، أثناء العدوان الأخير على غزة.
ولعبة "الطريق إلى القدس"، عبارة عن مائة مربع في قطعة ورقية واحدة، مليئة بالرسومات وأسماء المدن الفلسطينية المحتلة، وكذلك صور صواريخ المقاومة، والأنفاق، ومقاتلي القسام.
وقال العمريطي لـ"فلسطين": "يتهافت الجميع على ألعاب تخلو من القيم أو الأهداف والمبادئ؛ وهي متعددة. لذلك قررت تصميم لعبة تغرس حب الوطن لديهم".
العمريطي الذي بدا فرحًا رغم أنه لم يتلقَ دعمًا ماليًا من أحد، سوى اتصالات شكر على جهوده، أضاف: "صممت اللعبة للأطفال من عمر 5 إلى 14 عامًا، لكني وجدت الكبار أيضا يلعبون بها".
وتابع: "أعرف أشخاصا يفضلون اللعب بها في وقت انقطاع الكهرباء؛ لقد شاهدتهم يمضون ساعات طويلة من وقتهم".
ويتمسك الشاب بترويج المنتج الذي أعده، واستدان المال من أجل طباعة 10 آلاف نسخة منه.
وتبدأ "الطريق إلى القدس"، من المربع رقم واحد "انطلق نحو القدس" وباستخدام حجر نرد، يمكن للاعب التنقل بين المربعات التي تنتهي بالقدس، وهي تحاكي في طريقة لعبها "السلم والثعبان".
وقد يلجأ العمريطي، لتطوير لعبته وتصميمها من جديد في حال لاقت رواجًا واسعًا.
وأثناء عملية إعداد اللعبة، لم يتردد مصممها في اللجوء لأخصائيين اجتماعيين ونفسيين، لمعرفة إذا ما كان لها تأثيرات سلبية على الأطفال أم لا، لكن إفادات هؤلاء أكدت أن تأثيراتها ستكون إيجابية.
"فأطفال غزة في حالة حصار وحرب، ومنهم من فقد والديه، أو أحدهما، أو دُمِّر بيته، واللعبة تحفزه على الوصول إلى القدس بأي طريقة كانت"، كما قال.
ولفت إلى أن بعض المواطنين، توجهوا إلى منزله لطلب نسخة من اللعبة الورقية قبل توزيعها، وهذا زاد فرحه بإنجازه.
أما بالنسبة لرد فعل الاحتلال، فلم يتفاجأ العمريطي كثيرًا، وأوضح: "العدو يريد الشعوب العربية دمية بين يديه، ولا يرغب بظهور أي مفكر أو مبدع فلسطيني".
ويتساءل مصمم "الطريق إلى القدس": "قبل بضع سنوات، صمم إسرائيليون لعبة اسمها (اقتله إنه فلسطيني)، وانتشرت على الأجهزة الذكية، ولم نجد رد فعل فلسطيني أو عربي، لكن حين صممت لعبة (الطريق إلى القدس)، طلب (مردخاي) أن نعلم أولادنا التسامح والمحبة بدل (العنف والكراهية)، فكيف هذا؟!".
والعمريطي، هو شقيق لشهيدين، الأول قضى في الانتفاضة الأولى التي اندلعت في 1987، والثاني استشهد بفعل قصف مركبته خلال انتفاضة الأقصى.
علاوة على ذلك؛ استهدفت طائرات الاحتلال بيت عائلته في حي التفاح، شرقي مدينة غزة، خلال العدوان الأخير على غزة، صيف سنة 2014.
لذلك، يؤمن العمريطي، أن الاحتلال هو أساس العنف والارهاب، "وإن كان الوصول إلى القدس إرهابا في نظر مردخاي وحكومته الإسرائيلية، فهو نِعمَ الإرهاب في نظري"؛ كما قال لـ"فلسطين".