فلسطين أون لاين

تقرير رمضان الموريتانيين.. عشريات ثلاث ومبارزات شعرية وأساطير

...
رمضان في موريتانيا (أرشيف)
نواكشط-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يقسّم الموريتانيون شهر رمضان إلى ثلاث عشريات، ويربطون كل عشرية باسم دواب الركوب، فـ "عشرية الخيل" هي الأيام العشرة الأولى من رمضان، وهي الأسرع بالنسبة إلى الصائم لأنه لم يتعب بعد.

أما الأيام العشرة التالية فيسمونها "عشرية الإبل" لكونها أبطأ من سابقتها لأن الصائم يكون قد تملكه شيء من التعب، بينما العشر الأواخر تسمى "عشرية الحمير" فهي الأبطأ لأن الصائم خلالها يتملكه الإرهاق الشديد، كأنها تمرّ عليه بدرجة كبيرة من البطء والنكد، في بلد شديد الحرارة ما يجعل الصيام أمراً مرهقاً للكبار والصغار.

وهناك تقاليد رمضانية مميزة في موريتانيا، ففي الأيام الأولى من رمضان يحلق الرجال الموريتانيون شعور رؤوسهم، وأطفالهم الذكور، تيمناً بالشعر الذي ينمو مع مرور أيام الشهر الفضيل الذي يسمونه "زغبة رمضان".

ويحيي الموريتانيون أيام وليالي رمضان بإقبال كبير على المساجد التي تبدأ مجالس التدريس والمدارسة فيها بعيد صلاة الظهر.

العادة عند بعض فئات المجتمع ذات الأصول الإفريقية أن تخصص الجلسات العلمية بعد الظهر للفقه، وبعد العصر لتفسير القرآن الكريم، في حين يحرص آخرون على ختم صحيح البخاري في كل رمضان.

وإيماناً ببركة رمضان يؤخر الموريتانيون العديد من الأمور والمناسبات السعيدة للشهر الفضيل، مثل: عقود الزواج، والدخول للمنازل الجديدة.

ويُلزم الأهل الأطفال بإعادة ختم القرآن عدة مرات خلال شهر رمضان، ويحفظ الكثير من الأطفال والمراهقين في موريتانيا القرآن الكريم قبل بلوغهم سن الصيام خصوصا في الأرياف وبين صفوف تلاميذ وطلاب الكتاب.

كما يُعوّد الأطفال على الصيام من خلال إلزامهم بصوم جزء من اليوم بالتدرج حتى يتعودوا صيام يوم كامل في درجات حرارة قد تفوق 40 درجة مئوية.

وفي القرى الريفية لقوميتي "الفولان" و "السوننكي" تجري عمليات ختان جماعية، ويطوّف الأطفال يومها داخل القرية وسط مظاهر احتفالية يكون فيها لجماعات المغنين والموسيقيين الدور الأبرز.

عادات متوارثة

وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان أو ليلة القدر كما يطلق الموريتانيون عليها والتي تحتل مكانة خاصة في المخيلة الشعبية، وينسج حولها الكثير من الروايات التي يمتزج فيها الخيال بالحقيقة والواقع بالأسطورة، ففيها يختمون القرآن.

وتمثل تلك المناسبة خصوصاً لدى بعض أهل القرى والأرياف فرصة لإحضار أوانيهم وملابسهم حتى ينفث لهم إمام التراويح فيها بعد انتهائه من ختم القرآن ودعائه، ويحرص بعضهم على إحضار "حفنة" من تراب المسجد، وتحتفظ بها الأسرة لتحصين وتعويذ أبنائها ضد الأرواح الشريرة.

ويعتقد الموريتانيون -استنادا لنصوص شرعية- أنه في تلك الليلة أيضا يفرج عن الشياطين بعد تصفيدهم طيلة شهر رمضان، لذلك يحرص بعضهم على إيقاد نوع خاص من البخور "الفاسوخ"، أو "آمناس" في كل جوانب البيت ونواحيه، اعتقادا منهم أنه يطرد الشياطين، كما يتم الاحتفاظ بالأطفال داخل البيوت خوفا عليهم من تأثير الشياطين "المتحفزة" في تلك الليلة لإلحاق الضرر بالبشر.

واحتفالًا بالشهر الكريم، تزدهر سهرات المديح في الساحات الموريتانية العامة، وتعقد مجالس السمر حيث يتبارى الشعراء وتجري المسابقات في مختلف صنوف المعارف الشرعية من فقه وسيرة نحو وغيره.

ولا يزال الموريتانيون يحرصون على ممارسة عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة في الشهر الكريم، ولا سيما من جانبها الديني كالحرص على صلاة التراويح جماعة في كل بيت وزيارة الأهل والتكافل الاجتماعي والقيام بالأعمال الصالحة. حيث تؤدى صلاة التراويح في مساجد دولة موريتانيا كافة، فتقام ما يقارب ثماني ركعات في معظم المساجد، ويحضرها الكثير من الموريتانيين، ومن العادات المعروفة في صلاة التراويح، قراءة القرآن الكريم والأدعية بشكل جماعي.