فلسطين أون لاين

تقرير "التكايا".. ظاهرة رمضانية يستظل بها الفقراء

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

شعورهم بالآخرين وحبهم للتطوع دفعا مجموعات شبابية في مناطق مختلفة من قطاع غزة لتشكيل فرق تطوعية تقوم على إنشاء "تكية" يوفرون من خلالها وبتبرعاتٍ من أهل الخير وجبات طعام للأسر المتعففة، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها قطاع غزة، وتنشط تلك "التكايا" في رمضان، حيث يتضاعف نشاطها في المناطق التي تعمل بها.

اقتداء بالخليل

ففي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة أسس تجمع شبابي تطوعي "تكية أبناء النصيرات" منذ ست سنوات خلت، التي جاءت تتويجاً لجهود الفريق التطوعية في مجالات مختلفة، منها تنظيف المستشفيات و"إفطار صائم".

وتبادرت فكرة إنشاء التكية للفريق اقتداء بتكية "الخليل" التي تعمل منذ سنوات طويلة في إغاثة الفقراء، وبعد دراسة جدوى للمشروع استطاع الفريق توفير معدات الطهي من تبرعات من المطاعم والمطابخ، وبدأ بالعمل معتمداً على ثقة أهل النصيرات التي تولدت من خلال المشاريع السابقة للفريق.

وتخدم "التكية" في الأيام العادية قرابة مئة عائلة يومي الأحد والأربعاء من كل أسبوع بتقديم وجبات الغداء لهم، "في حين يتضاعف العمل عند وجود ظروف صعبة كما في جائحة "كورونا" التي زادت الأوضاع الاقتصادية صعوبة وارتفع عدد العائلات التي تخدمها "التكية " لـ 450 عائلة" على مدار الأسبوع"، يقول الطويل.

وإذ يبين الطويل أن الوجبات التي تقدمها التكية متعددة، منها: "البازيلاء والأوزي والمجدرة والكفتة" وغيرها، حيث تبدأ ثماني نساء إحداهن تجاوزت الستين عاماً من العمر بالطهو منذ الساعة السابعة صباحًا، في مكان استأجره الفريق بسعر مخفض من أحد فاعلي الخير.

دون مقابل مادي

ويؤكد الطويل أن الفريق يعتمد في عمله على أهل الخير من المخيم حيث رفض الفريق الانضواء تحت أي مؤسسة أو لون سياسي أو تنظيم، مشيراً إلى أن أعضاء الفريق يعملون دون أي مقابل مادي سوى أن النساء العاملات يصطحبنَ وجبة من الطعام لبيوتهم في نهاية العمل بعد أن يكون الإرهاق قد تملكهن ولم يعد بمقدورهن الطهو لبيوتهن.

وفي رمضان يعمل الفريق كخلية نحل، فتبدأ النساء بالطهو منذ العاشرة صباحاً وحتى الخامسة بعد العصر، حينها يتولى الرجال توزيع الوجبات على بيوت الأسر المتعففة وبعد الإفطار يعود الشباب لتنظيف المكان وجلي الأواني.

ويبين الطويل أن الفريق يحاول التغلب على الارتفاع الكبير في المواد الأساسية في السوق الفلسطيني من خلال علاقاته مع أصحاب مولات تجارية في المخيم يبيعونه المواد بسعر أرخص لكونها تذهب لأعمال خيرية.

واستدرك بالقول:" لكن هناك ارتفاع باهظ في الأسعار فـ"شوال الأرز" أصبح 125 شيقلًا بدلاً من 108 شواقل، وشوال العدس أصبح 130 شيقلًا بدلاً من 90 شيقلًا، والآن عقبة ارتفاع أسعار الدجاج تقف أمام وجبة الجمعة التي يجب أن يكون داخلها لحوم".

ويعرب الطويل عن ميل الفريق لمقاطعة الدجاج واستبداله باللحوم الحمراء كي يتمكنوا من الإيفاء بمتطلبات الأسر التي اعتادت الحصول على وجبات الطعام منهم، مبيناً أنهم يحاولون قدر استطاعتهم توسيع القاعدة المستفيدة خلال رمضان لكن الفئات الفقيرة كثيرة جداً.

يشرح بالقول: "لا نمنع أحدا من تلقي المساعدة حتى لو كان موظفاً وراتبه متدنياً ويعيل عائلة كبيرة وأيضاً نساعد منتفعي الشئون الاجتماعية المحرومين من مستحقاتهم منذ أكثر من عام".

ويلفت إلى أن المتبرعين قد يمنحون القائمين على التكية المال لشراء المستلزمات أو يطلبون قائمة بالمشتريات ويشترونها هم أو يجودون بمواد عينية كالأرز وزيت الطهي، "يكلفنا الطهو في اليوم العادي قرابة 1000 شيقل أما وجبة الجمعة كونها تحتوي على لحوم فتكلفنا قرابة 1800 شيقلاً".

تكية البريج

أما في مخيم البريج المجاور، فقد دفع الفقر المدقع الذي يعيشه عدد كبير من أبنائه، فريقاً شبابياً تطوعياً لإنشاء "تكية البريج" لتوفير الوجبات الشعبية للفقراء، كما يبين نائب رئيس مجلس الإدارة بلال هشام سلامة.

ويشير إلى أن العمل في "التكية" بدأ منذ عام 2018م لخدمة أهالي "بلوك 5" في المخيم، وكان يخدم في البداية قرابة 60 عائلة، أما الآن فهو يقدم الطعام لقرابة 450 عائلة تقريباً.

وفي إثر توسع عمل "التكية" منحتهم أسرة مسجد الإيمان في المنطقة مكاناً بالمجان يمارسون فيه أعمالهم، حيث يطهو داخله الفريق المكون من عشرة أشخاص الوجبات ويقدمها للمعوزين.

قليل دائم

وتعتمد "التكية" في عملها على مبدأ "قليل دائم خير من كثير منقطع" فهي توفر يوميا "الفول والفلافل والحمص" للأسر المعوزة بمساهمة من أهل الخير، بينما توفر وجبات الأرز بالدجاج أو اللحم حين توافر تبرعات كافية من أهل الخير ورجال الأعمال خاصة يوم الجمعة.

ويبين سلامة ثقل المسؤولية في شهر رمضان في ظل تزايد أعداد الفقراء، وشح بعض المواد الأساسية وغلاء أسعارها، ما قد يقف عقبة أمام طموح "التكية" لخدمة 700 عائلة خلال الشهر الفضيل.