فلسطين أون لاين

تقرير عبد الرحمن بكيرات.. 30 عامًا من العمل في الأقصى يجابه سياسة الإبعاد

...
عبد الرحمن بكيرات
القدس المحتلة-غزة/ نور الدين صالح:

لم تمضِ بضعة أيام على إصدار سلطات الاحتلال الإسرائيلي قراراً بإبعاده عن المسجد الأقصى، حتى باغتته بتجديد ذلك القرار الظالم في اليوم الرابع من شهر رمضان المبارك وحرمانه من زيارة تلك البقعة المقدسة والبلدة القديمة وأسوارها أيضاً، "دون تهمة مباشرة".

ليس القرار الأول الذي يصدر بحق الشيخ عبد الرحمن بكيرات الذي يعمل مديراً لمركز زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن الكريم في قرية صور باهر جنوب شرق مدينة القدس، فقد تعرض لجُملة من قرارات الإبعاد والتحقيق والاعتقال والمضايقات شبه اليومية، على خلفية عمله في حلقات العلم وتحفيظ القرآن الكريم في المسجد الأقصى منذ أكثر من 30 عاماً.

ومن الواضح أن العمل في حلقات ومصاطب العلم وتحفيظ القرآن في باحات الأقصى، باتت تشكل مصدر إزعاج للاحتلال ومستوطنيه، وخاصة في أثناء الاقتحامات شبه اليومية، ما يدفع الاحتلال لتكثيف سياسة إبعاد الشخصيات الدينية والمؤثرة.

وكانت مخابرات الاحتلال سلّمت بكيرات، قراراً يقضي بتجديد إبعاده عن المسجد الأقصى لمدة 4 أشهر، بعد مرور أسبوع على القرار الذي سبقه، "دون توضيح الأسباب"، وفق قوله.

ويقول بكيرات لصحيفة "فلسطين": أعمل في مجال تحفيظ القرآن ومصاطب العلم منذ أكثر من 30 عاماً، وقد تعرضتُ على مدار هذه السنوات إلى جُملة من المضايقات والاعتقال والتحقيق، حتى أنني ممنوع من السفر لمدة 6 أشهر.

ويؤكد أن الاحتلال يستهدف كل الرموز والشخصيات الدينية التي تعمل في مجال تحفيظ القرآن الكريم، وتريبة الأجيال ورفع راية الأقصى، مشيراً إلى أن حملات الاعتقال والإبعاد تزداد في شهر رمضان.

وبيّن أن الاحتلال أصدر قرار الإبعاد الأول قبل أسبوع بذريعة "وجوده الكثير" في المسجد الأقصى وافتعال "المشكلات وتهديد المستوطنين"، لافتا إلى أن القرار يمنع دخوله للبلدة القديمة أيضاً.

وشدد على أنه رغم صدور قرار الإبعاد فإنه لن يتوقف عن عمله في مركزه الذي يتخذ من قرية صور باهر مقراً له، حيث سيواصل عقد حلقات العلم وتحفيظ القرآن الكريم.

وبيّن أن الاحتلال يسعى لتفريغ المسجد الأقصى من المرابطين والرموز الدينية خاصة في شهر رمضان، من أجل الاستفراد به، وممارسة إجراءاته العنصرية، "لكن لن يتحقق ذلك بصمود المقدسيين واستمرار رباطهم في باحات الأقصى"، وفق قوله.

"كم هو مؤلم الابتعاد عن المسجد الأقصى خاصة في شهر رمضان"، تنساب مشاعر الحسرة من كلماته التي رافقها الألم، عند إجابته عن سؤال: "كيف تقضي رمضان بعيداً عن الأقصى؟".

ثم يُكمل: "الأقصى والتراويح وكل الصلوات لها طعم آخر في رمضان، فقلوبنا مُعلقة فيه"، مستدركاً بكلمات يشوبها التحدي والصمود "لكن رغم قرار الإبعاد لن نتوقف عن عملنا في حلقات العلم وتحفيظ القرآن الكريم، لتخريج جيل مؤمن بعقيدة زوال الاحتلال عن كل فلسطين".

ويتابع مدير مركز زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن: "استمرار الإبعاد والاقتحامات والتضييق على المقدسيين، سيعجل بزوال الاحتلال، فلن يكون لهذا الظالم مكان في الأقصى وكل فلسطين". 

إجراء عقابي

ويؤكد عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في مدينة القدس مازن الجعبري، أن الاحتلال كثّف من إجراءاته العنصرية وأبرزها إبعاد عدد كبير من الشخصيات الفعالة في الأقصى بالتزامن مع قدوم شهر رمضان المبارك.

وأوضح الجعبري لصحيفة "فلسطين"، أن هذه الإجراءات ليست جديدة، إنما توسعت بشكل أكبر وطالت شخصيات فاعلة، تحت مزاعم الاحتلال أنه يسعى لتحقيق الهدوء، "ولكن هدفه عكس ذلك".

وبيّن أن هذه السياسة مُتبعة لدى شرطة الاحتلال منذ مدة طويلة ضد المرابطين في الأقصى، من أجل تهيئة الأجواء للمستوطنين باقتحام باحات الأقصى وأداء طقوسهم التلمودية، لافتا إلى أن الاحتلال يسعى لتفريغ الأقصى من المواطنين، وخاصة في شهر رمضان.

وعد الجعبري هذه الممارسات "إجراءات عقابية وقمعية وهيمنة من سلطات الاحتلال التي تسعى لإيصال رسالة أن لها السيادة والسيطرة على المسجد الأقصى".

وبحسب قوله، فإن هذه الممارسات تكون لها انعكاسات سلبية على الشخصيات التي يتم إبعادها عن الأقصى، مستدركاً: "لكن الحراكات الشعبية لم تتوقف في القدس، لأن المقدسيين اعتادوا على هذه السياسات منذ سنوات طويلة".

وشدد على أن "كل هذه الإجراءات لم تنل من معنويات المقدسيين في القدس، ولن تؤثر في صمودهم"، مؤكداً أن كل هذه الممارسات ستزيد من صمود المقدسيين وروحهم المعنوية في التصدي لمخططات الاحتلال والمؤسسات الاستيطانية.