لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش أسوأ أيامه لما أصاب كيانه من هزة أمنية من العيار الثقيل ضربت عمقه ومرغت أنفه قبيل ذكرى يوم الأرض المتعارف عليه فلسطينيًّا الذي يوافق ٣٠ مارس الماضي، تلتها هزة سياسية داخلية أدت إلى انهيار حكومة الإتلاف في وقت مبكر التي يقودها اليمين واليسار بزعامة بينت واليد، والذهاب إلى انتخابات خامسة.
فقد كان للعمليات الفدائية أثر كبير في هذا الانهيار الحكومي الائتلافي رغم تحميل الجانب الأمني مسؤولية وتبعات هذا التصعيد وليس مستبعدًا حدوث استقالات جديدة لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية التي أثبتت فشلها، سلطات الاحتلال بكل أجهزتها العسكرية وللأمنية والاستخباراتية لم تتنبأ للانفجار القادم رغم تحذيرات أوساط أمنية لديها طوال الفترات السابقة ردًّا على ما تقوم به من تهويد واستيطان متواصل وهدم بيوت ومصادرة الأراضي الفلسطينية دون وجه حق ناهيك بالاعتداءات اليومية على المقدسات على رأسها المسجد الأقصى المبارك وكذلك الحال بالنسبة للحرم الإبراهيمي إضافة إلى ذلك الاعتقالات اليومية وتعذيب الأسرى والانتهاكات والقتل بدم بارد ضد أبناء الشعب الفلسطيني، كل هذا لم تحسب له سلطات الاحتلال حسابًا ولا تأخذ بالحسبان حالة الغليان التي تجتاح مدن وقرى الضفة والداخل الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني من النقب المحتل حتى جنين مرورًا بفلسطينيي الداخل المحتل هبوا يدافعون عن أبناء شعبهم وأرضه ومقدساته في الوقت الذي كان فيه قادة التطبيع العرب يجتمعون هنا وهناك مع قادة الاحتلال المجرم الغارقين في اتفاقيات العار والذل على حساب القضية الفلسطينية.
الاحتلال لم يهدأ له بال حتى أقدم على استهداف محافظة جنين التي يعدها خنجرًا في خاصرته الشمالية والتي انطلق منها منفذ عملية “بني براك” الشهيد ضياء حمارشة، ولعل الاحتلال لم يفهم هذه الرسالة بأن جنين التي مرغت أنف شارون لن تركع لتهديداته.
لقد أثبت شعبنا الفلسطيني للقاصي والداني من غزة هاشم حتى جنين القسام بأنه لم يتخلَّ عن حقوقه المشروعة في مقاومة الاحتلال الصهيوني وكسر غروره في عدة حروب شنها على قطاع غزة تكبد فيها خسائر جسيمة في طليعتها تآكل نظرية الردع التي يتباهى بها قادته لعقود طويلة ولا تزال حرب سيف القدس ماثلة في أذهان قادة الاحتلال، فقد أسقطت حكومة نتنياهو ومن قبلها أسقطت المقاومة حكومة أولمرت وحكومة شارون، ستسقط الحكومات اللاحقة.