فلسطين أون لاين

تقرير اللاجئون قلقون من تقليصات جديدة في خدمات "أونروا"

...
تظاهرة في غزة تنديداً بتقليصات الأونروا (أرشيف)
غزة/ أدهم الشريف:

يعتقد اللاجئ الفلسطيني جبر مقداد أنه لم يعد منطقيا اعتماد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" أي تقليصات جديدة لخدماتها أمام تردي الظروف الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة.

وبينما أبدى مقداد من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة قلقه الشديد من أي تقليصات، قال إنه يعتمد إلى حد كبير على الخدمات الصحية والقسائم الغذائية المقدمة من "أونروا" بانتظام منذ سنوات.

وتعد المساعدات التي يحصل عليها مقداد شيئًا مهمًا وأساسيًا بالنسبة لأسرته المكونة من زوجته وأربعة أبناء من البنين والبنات.

وعائلة هذا الرجل، هجرت من قرية حمامة داخل الأراضي المحتلة منذ نكبة 1948، وإقامة دولة الاحتلال على أنقاض الأراضي المهجرة.

وقال لصحيفة "فلسطين": إن أسرته تعتمد أيضًا على الخدمات الطبية المقدمة في المنشآت الصحية التابعة لوكالة الغوث، وهي أيضًا توفر بعض أنواع الأدوية للمرضى المستفيدين من خدماتها.

وأضاف أنه في ظل استمرار سوء الأوضاع الاقتصادية بغزة وما نتج عن ذلك من زيادة كبيرة في نسبة البطالة، لم يعد بإمكان أي لاجئ الاستغناء عن أبسط الخدمات المقدمة من "أونروا"، لذا يجب عليها مواصلة تقديم خدماتها للاجئين وزيادة أعداد المستفيدين أيضًا، خاصة أن فئة اللاجئين ليست كلها تستفيد من خدمات الوكالة.

أزمة جديدة

وعادة ما تبرر وكالة الغوث الأممية إجراءات التقليص بالأزمات المالية التي تصاعدت في السنوات الخميس الأخيرة.

وربما أصعب أزمة مرت بها "أونروا" خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إذ أعلن حربه على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة علنًا، واستهدف على إثر ذلك وكالة "أونروا" التي تقدم خدماتها لهؤلاء اللاجئين في 5 مناطق؛ غزة، الضفة الغربية، الأردن، سوريا، لبنان.

وتجلى استهداف ترامب لـ"أونروا" بوقف التمويل الأمريكي المقدم لها الذي تجاوز خلال 2017 أكثر من 350 مليون دولار، وتوقف تمامًا في الأعوام الأربعة التالية، تزامنًا مع زعمه أن القدس عاصمة للاحتلال، ونقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إليها.

واستعادت الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن تمويل "أونروا" لكن بشكل مشروط عبر ما يعرف بـ"اتفاق الإطار" الموقع بينها وإدارة وكالة الغوث، والذي لقي رفضًا فلسطينيًا واسعًا.

ويبدو أن أزمة مالية جديدة بدأت تلوح في الأفق بالنسبة لوكالة الغوث، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

وأعلنت وكالة الغوث على لسان مستشارها الإعلامي عدنان أبو حسنة أن الأزمة المالية قد بدأت، خاصة أن دول مانحة أبلغت إدارة "أونروا" بألا تتوقع نفس تبرعات العام الماضي، وبُلِغت من دول أخرى بتأجيل دفع التبرعات.

وفي تصريحات صحفية، أفاد أبو حسنة بأن ارتفاع الأسعار العالمية يلقي بظلاله على "أونروا"، مشيرًا إلى أنها طالبت الدول المانحة بتقديم موعد الدفع.

ونبَّه إلى أن تأخر دفع الأموال والتبرعات يدخل "أونروا" في معضلة، مع عدم توقع سقف محدد لموعد دفع الالتزامات من الدول المانحة، مشيرا إلى جهود كبرى تبذل لتجديد الدعم للوكالة، وأن موازنة العام الحالي لم ترتفع رغم ازدياد اللاجئين والأعباء.

إدارة أزمة

وبينما لم ينكر أمين سر اتحاد الموظفين العرب في "أونروا" محمد شويدح الأزمات التي تواجهها الوكالة، أكد ضرورة إدارة الأزمة بالشكل السليم، مضيفًا أنه ليس من المعقول أن تتخذ "أونروا" إجراءات تقشفية بعد قطع التمويل الأمريكي، وبعد استئنافه في عهد بايدن تستمر في إجراءاتها التقشفية بل زادت منها للأسف.

وأكد شويدح لـ"فلسطين" رفض الاتحاد أي تقليصات جديدة تخطط "أونروا" لاتخاذها بحق اللاجئين أو موظفي الوكالة نفسها، وأنه يتوجب عليها إدارة الأزمات بعيدًا عن حقوقهم، مطالبا إدارة "أونروا" بالالتزام بالاتفاقيات مع الاتحادات وتنفيذ عملية توظيف المعلمين وتحويل العقود الجزئية إلى دائمة، وغيرها من الاتفاقيات التي تخدم قطاعا واسعا من اللاجئين.

وأردف: ندعم خطوات "أونروا" في البحث عن آليات جديدة لتمويل عملها، على ألا يكون هذا التمويل مشروطا أو يمس الحقوق الفلسطينية وحقوق اللاجئين، مشددا على أهمية إيفاء الدول المانحة بالتزاماتها مع "أونروا"، وأن تمارس الشراكة الحقيقية مع اتحادات الموظفين في كل خطوة تخطوها، وأن تأخذ العبر والعظات من مشكلات حدثت مسبقًا مع الاتحادات.

وقال رئيس لجنة شؤون اللاجئين في مخيم الشاطئ نصر أحمد: إن "أونروا" التي مر على تأسيسها أكثر من 70 عامًا يجب أن يكون لديها موازنات خاصة وثابتة مع ضمان عدم تأثرها بأي من الأحداث الجارية في الدول المختلفة.

وأشار أحمد لـ"فلسطين" إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية سببت في عدم رغبة تقديم دول مانحة الدعم اللازم لوكالة الغوث، وتفضيل بعض الدول الأوروبية دعم اللاجئين الأوكرانيين على دعم اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وأماكن عمل وكالة الغوث الأممية.

وتوقع تأثر قطاع الموظفين والصحة والتعليم في "أونروا" بالأزمة المالية وما ينتج عنها من تقليصات جديدة، منوها في الوقت ذاته إلى أن الوكالة الأممية لديها مجالات واسعة لممارسة الضغوط على الدول الممولة لتؤدي استحقاقاتها بحق اللاجئين الفلسطينيين.

وأشار إلى نسبة عالية جدًا من اللاجئين تعيش على المساعدات التي تقدمها "أونروا" وليس بإمكانها الاستغناء عنها، محذرا من التصعيد عبر فعاليات احتجاجية حال لجوء "أونروا" إلى تقليص خدماتها.