تعرّف زكاة الفطر شرعا أنها "صدقة تجب عند الفطر من رمضان بانقضائه"، ويجب إخراجها للفقراء قبل خروج الناس إلى صلاة عيد الفطر، فإن تأخرت عن ذلك فهي صدقة من الصدقات العادية، ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين.
ويوضح أستاذ الفقه المقارن د. ماهر السوسي أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرض على المسلم المكلف صدقة الفطر عن نفـسه وعمَّن تلزمه نفقته من المسـلمين، كباراً، وصغاراً، فقد روى عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ".
وورد في فتوى مجلس الإفتاء أن السنة النبوية الشريفة بينت أن صدقة الفطر بالكيل، هي صاع واحد بصاع المدينة المنورة، والتي قدر جمهور الفقهاء وزنها بنحو (2176غم)، أي (2كغم و176غم) على الأقل، من غالب قوت البلد، كالقمح والخبز والطحين عندنا.
وأشار المجلس إلى إجازة الحنفية إخراجها نقداً إذا كان ذلك أيسر للمعطي، وأنفع للآخذ، ولا يشترط لوجوب صدقة الفطر الغنى أو النصاب، بل تجب على الذي يملك ما يزيد على قوته وقوت عياله يوماً وليلة.
وفي هذا الإطار قال المجلس بجواز إخراج صدقة الفطر نقداً، بقيمة تسعة شواقل عن الشخص الواحد، أو ما يعادلها بالعملات الأخرى، "تيسيرا على الدافع والآخذ، ومن شاء أن يزيد تطوعاً فهو خير له".
تعجيل صدقة الفطر
وبشأن جواز تعجيل صدقة الفطر خلال شهر رمضان المبارك ليتسنى للفقراء والمساكين سد حاجاتهم الضرورية، قال السوسي في حديث لـ"فلسطين" إن أقوالا كثيرة رويت في وقت إخراج زكاة الفطر، فذهب ابن حزم إلى أن وقت زكاة الفطر هو دخول شهر شوال، أي غروب شمس اليوم الأخير من رمضان.
ورأى آخرون، جواز إخراجها لعامين، وكان الصحابة، رضي الله عنهم، يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين، كما جاء في الصحيح عن ابن عمر، وهو ما ذهب إليه الحنابلة والمالكية.
وأشار السوسي إلى أن بعض الفقهاء أجاز تقديم صدقة الفطر ثلاثة أيام، "في حين قال بعض الحنابلة بجواز تعجيلها من بعد نصف الشهر، قال الشافعي بجواز إخراجها من أول شهر رمضان".
وشدد على عدم جواز تأخير صدقة الفطر إلى ما بعد أداء صلاة عيد الفطر، "فمن لم يخرجها في الوقت المشار إليه، فإنها تبقى في ذمته، وعليه إخراجها بعد ذلك، ويعدّ وقتها صدقة من الصدقات، الذي يؤخرها إلى ما بعد صلاة العيد دون عذر يأثم".
فدية الصوم
وبشأن مقدار فدية الصوم على المريض مرضاً مزمناً لا يرجى برؤه، أو الشخص الطاعن في السن، الذي لا يقوى على الصوم، فيتعين عليه إطعام مسكين وجبتين عن كل يوم يفطر فيه، على ألّا تقل قيمة الفدية عن قيمة صدقة الفطر، وفق السوسي.
ونبه إلى أهمية أن تراعي قيمة الفدية مستوى ما ينفق على طعام العائلة، لقـولـه تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
نصاب زكاة المال
إلى ذلك ذهب مجلس الإفتاء الأعلى إلى اعتماد الذهب لتحديد نصاب الزكاة من الأموال النقدية، بواقع أربعة غرامات وربع الغرام (4.25غم) على رأي جمهور الفقهاء، أخذاً بمثقال المدينة المنورة (الدينار الذهبي)، فيكون نصاب الذهب خمسة وثـمـانيـن غـراماً أي (20 × 4.25 = 85غم).
وبناء على سعر الذهب عيار 24 في الأسواق المحلية، عند إصدار الفتوى، فإن مقدار نصاب الزكاة يقدر بنحو (3700) دينار أردني، أو ما يعادله من العملات الأخرى، منبهًا إلى أن هذا التقدير يخضع للتعديل تبعاً لما يطرأ على سعر الذهب من ارتفاع أو انخفاض عند إخراج الزكاة في فترات أخرى، والعام المعتبر في حولان الحول، يكون وفق الأشهر القمرية (الهجرية).