فلسطين أون لاين

عطا الله .. تقدم الخلطة السرية للتفوق في الثانوية

...
رندة عطا الله (يساراً)
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

على عتبات بيت والدها البسيط، تتراقص الفرحة في عيون كل من قدِم مهنئا للطالبة رندة عطا الله، الأولى على مدرسة بشير الثانوية للبنات في الفرع العلمي بمعدل 99.1%.

داخل قاعة الضيوف صغيرة المساحة، يدور محمد أخو المتفوقة الوحيد بمضيفة الحلوى، يتبعه والده الطيب بدلّة القهوة المرة، وفناجين الضيافة، فيما تتسع الضحكات، بين مراهنٍ على تفوقها قبل صدور النتيجة، ومراهنٍ بحصولها على نفس المعدل بعد أن رآه في منام!

الطالبة الحافظة لكتاب الله منذ أن كان عمرها تسع سنوات، عرفت نتيجتها عبر رسالة وصلتها عبر هاتفها النقال، بينما كان من الصعب عليها وصف أجواء الفرحة في تلك اللحظة، كيف قفز أخوها فرحًا، وكيف عانقتها أمها وهي تذرف دموع الفرح، وكيف لفّت أخواتها الخمس يقدمن لها التهاني بينما هي تتلفظ بعبارات الحمد والشكر لله على ما أعطاها من نعمة.

تحدثت لـ"فلسطين" عن سنتها الدراسية، وخطتها بشأن التوجيهي منذ أن بدأ، حتى حصولها على هذا المعدل المميز، وما سيتبعه من خطى على طريق تحقيق الحلم، فقالت: "كانت نظرتي للتوجيهي تتلخص في أن الطالب هو من يقرر إن كان عامه الدراسي سيكون سهلًا أم صعبًا، وذلك من خلال خطة المذاكرة التي يحددها لنفسه ويراعي تطبيقها رغم أي معيق".

خطواتٌ ثلاث

كانت ساعات دراسة رندة تتجاوز السبع يوميًا خلال الشهر الأخير قبل الامتحانات، فيما اعتمد أساس الفهم والحفظ على هذه الخطوات الثلاث (التحضير للدرس، والتركيز أثناء شرحه من قبل المعلمة، ثم مراجعته بعد العودة إلى البيت)، وهذا كما تؤكد سهّل عليها الكثير خلال فترة التحضير للامتحانات والمراجعة النهائية لها كونها بطبيعة الحال مستوعبة لكل المعلومات المتعلقة بالمنهاج أولًا بأول.

المُعيق الوحيد الذي واجه رندة في كنف عائلتها المُحبة، كان انقطاع التيار الكهربائي، وهو الوضع الذي "اعتدنا عليه وتأقلمنا معه تقريبا" على حد تعبيرها، فيما كان والدها يحاول توفير طرق إضاءة بديلة كمصابيح البطاريات التي تعتمد على الشحن غالب الوقت.

في بعض الأوقات، كانت رندة تمر بحالات يهمس فيها اليأس فيها فيقول لها: "توقفي الآن عن المذاكرة، كل ما تحفظينه يطير في الهواء"، أما هي، فكانت تنفض فورًا رأسها، وتعود لتتخيل فرحة النجاح التي ستعيشها في حال "جاهدت" في الدراسة أكثر، تتخيل والدها وهو يعانقها وأمها التي تطلق زغاريد الفرح وأخاها آخر العنقود "محمد" يوزع الحلوى في الشارع ابتهاجًا بـ"نصرها".

وأوضحت: "أرى أن أهم ما يجب الاعتماد عليه خلال الدراسة لامتحانات الثانوية العامة هو التوكل على الله، والاجتهاد في التعلم والفهم، والدراسة أولًا بأول"، متقدمةً بشكرها الجزيل لمدرستها "بشير الريس" لما قدمته في برنامج التميز خلال الشهرين الأخيرين قبل الامتحانات للطلبة المتميزين فيها، من حصص أسبوعية إضافية يقدمها لهم نخبة من المعلمين الذين دعموهم بالعلم والثقة معا.

تطمح رندة للالتحاق بكلية العلوم، لتتخصص في الرياضيات، كونها تعشق الأرقام، وتنصح كل مقبل على اختيار تخصصه الجامعي أن يختاره وفقًا لميوله، وما يحب أن يعمله، لا وفقًا لما ينصحه به الآخرون أو يفرضونه عليه.

متفوقة وبارّة

أم رندة كانت داعماً أساسياً لابنتها في ما يتعلق بدراستها، فقالت: "أقل معدل حصلت عليه رندة في حياتها كان 98%، وأيضاً كانت الأولى على مدرستها حينها، هي متفوقة منذ الصغر، وكنت على ثقة بأنها ستستمر على نفس الطريق حتى آخر حياتها العلمية"، مستذكرة أجواء الامتحانات وتوترها حتى عودة ابنتها من الامتحان لتسمع منها الطمأنة والحمدلة حتى أنها "كانت تلجأ إلى أمها المريضة كي تدعو لرندة، يقيناً منها بأن دعوة المريض تُستجاب".

ولم تكن رندة، كبعض البنات من جيلها تتدلل بالطلبات على أمها بصفتها طالبة توجيهي، بل كانت على العكس، تبعاً لـ"أم محمد"، تتدخل لمساعدتها في الأعمال المنزلية كلما سنح لها الوقت لفعل ذلك، رغم رفض الأولى لذلك، وإصرارها على عودة ابنتها للاهتمام بمذاكرتها فقط.

تردد الأم الدعاء لابنتها، وتتمنى لكل أمٍ أن تعيش الفرحة التي عاشتها لتفوق رندة "لأنها لا تُوصف ولا تتسع لها الدنيا".