في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت العاصمة الماليزية "كوالالمبور" تنقلب إلى أسواق شعبية تًعرف بـ (بازار رمضان)، وهي عبارة عن أكشاك خشبية وخيام تقع وسط المناطق السكنية، وهي عادة تجارية تُقام في كل عام في رمضان.
ويعد "البازار" من التقاليد الماليزية العريقة، ويبدأ المشاركون فيه بالتحضير له من شهر شعبان، وتنتشر هذه البازارات في جميع أنحاء ماليزيا.
وفي هذه "البازارات" يجد المتسوق ما لذ وطاب من الأكلات الماليزية التقليدية إضافة إلى المقتنيات المنزلية والملابس والهدايا والتحف وتشهد إقبالا كثيفاً من الزوار الذين يستمتعون بالتسوق فيها وسط جو رمضاني رائع.
ويتناول الماليزيون طعام الإفطار داخل "البازارات" حيث يفضلون بشكل عام تناول وجبة الإفطار خارج المنزل، فتقدم هذه البازارات أطباقا متنوعة من الأكلات الماليزية المميزة في هذا الشهر وتشكيلة واسعة من الوجبات الرمضانية.
وما يلفت انتباهك في هذه الأسواق أنها غير مقصورة على المسلمين فقط إذ تجمع الماليزيين على اختلاف ثقافاتهم ومعتقداتهم وطوائفهم، فتجد فيها من غير المسلمين الصينيين والهنود وغيرهم الذين يحترمون مشاعر المسلمين في الصيام فيمتنعون عن الطعام والشراب في الأماكن العامة.
والذهاب للبازارات يعد أحد النشاطات التي تقوم بها الأسر أو الأصدقاء بماليزيا، وتكون نوعا من الاستمتاع بأجواء رمضان الخاصة.
ومن أقدم هذه البازارات في العاصمة كوالالمبور بازار دكامبونغ بارو، الذي يقام منذ خمسينيات القرن الماضي، وهو مزار معروف لمسؤولي الدولة والسياسيين والمشاهير من الفنانين والمثقفين.
وتجتمع كثير من العائلات الماليزية في المساجد قبيل الغروب لتناول وجبة الإفطار، وعند موعد الإفطار يقدم التمر وبعض العصائر المنعشة كـ"السيرب باوندينغ صودا"، وهو مزيج من ماء الورد والحليب وبوظة الصودا.
كما يحرص الناس على تقديم التبرعات العينية وكذلك التبرع بالطعام وإحضاره معهم إلى المسجد، ويواصلون المكوث فيه حتى صلاة العشاء والتراويح، حيث يقدم المتبرعون وجبة خفيفة من الطعام في ساحته يسمونها "موراه".
كما يحب الماليزيون كثيرا استقبال الناس ببيوتهم في شهر رمضان لتناول الإفطار حتى من غير المسلمين.
ويحرصون في رمضان على تدارس القرآن، ويجتمعون في حلقات ذكر في البيوت والمساجد لتلاوته، ويقيمون الكثير من المسابقات للأطفال خاصة بأغاني العيد، كما يهتمون بمسابقات حفظ القرآن وتلاوته.
ماليزيا نظيفة
ومن الأشياء الملفتة للأجواء الرمضانية في ماليزيا أنه بعد صلاة المغرب في هذه الأسواق يرفع الجميع شعار ماليزيا نظيفة ويقومون بحملة تنظيف فما أن يدخل وقت العشاء حتى يكون الجميع قد أنتهى من ذلك فلا ترى أثار لبقايا طعام أو شراب بل وكأن شيئاً لم يكن.
وبعد صلاة المغرب، عادة ما تكون شوارع كوالالمبور فارغة نوعًا ما حتى صلاة التراويح، عندما يخرج المصلون وهم يرتدون قبعاتهم الماليزية المميزة للصلاة وسط الزخارف والأضواء، ويستمر هذا الجو حتى وقت السحور، حيث يأكل المسلمون وجبتهم الأخيرة قبل الصوم.
ويحرص الماليزيون على استخدام البخور في المساجد احتفالاً بشهر رمضان، بالإضافة إلى ذلك، يقوم بعض الأثرياء برش العطور والروائح الزكية داخل هذه المساجد.