فلسطين أون لاين

تقرير مستحقو الشؤون.. "جيوب منهكة" تنغص فرحة "رمضان"

...
اعتصام لمستحقي الشؤون بغزة (تصوير: فلسطين أون لاين)
غزة/ مريم الشوبكي:

يتحسس الحاج محمد النونو أي خبر عن موعد صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية، ليبرد نار قلبه المنهمك بفعل الأمراض، ولكن يخيب ظنه كل مرة، ويبقى الأمل يحذوه بأن الأزمة ستمر، وسيتمكن من تسديد ديون الصيدلية التي تراكمت عليه منذ عام.

يعيش الحاج النونو (70 عامًا) هذه الأيام وفي قلبه حسرة كبيرة، فهو يحتاج إلى عدد من الأدوية الضرورية شهريًّا، للقلب، والقولون، والسكري، وضغط الدهون، والدهون، ووظائف الكلى، ولا يمكنه الاستغناء عنها، لأن صحته تسوء في حال توقف عن تناولها.

يقول الحاج النونو لـ"فلسطين": "أعاني أمراضًا عدة، لذا أصرف أدويتي من صيدلية قريبة من بيتي، وكالعادة أدفع له عند تسلُّمي شيك الشؤون، ولكن منذ عام لم أتقاضَ أي شيك، وتراكمت علي الديون، لذا توقف صاحب الصيدلية عن صرفها لي، وكذلك الأمر مع بائع الخضار والفواكه".

ويتابع: "لدي ابن وحيد يعمل سائقًا ودخله بسيط للغاية، هو من يتولى دفع تكاليف الأدوية، وهذا يجعله في ضيق مادي دائم، ولا يمكنه أن يوفر لأطفاله أبسط الاحتياجات اليومية الأساسية من مأكل، ومشرب، وحتى مصروف يومي".

ويضيف النونو: "زوجتي أيضًا مريضة وتحتاج إلى أدوية شهرية، في بعض الأحيان لا يمكن توفيرها، ما يؤدي إلى تراجع صحتها".

ومع حلول شهر رمضان يأمل النونو أن يتفقده أهل الخير بطرود غذائية، أو مساعدات تمكنه من شراء أدويته وزوجته، ويعيش أطفالهما البهجة كسائر أقرانهم.

ابنتي مريضة

في الأيام التي تسبق شهر رمضان، تعودت غصون شحيبر أن تصطحب طفلتها المريضة لشراء زينة بسيطة لتزين بها بيتها، وتدخل السرور على قلبها، ولكن هذا العام لم تفعل ذلك، فهي لم تتقاضَ شيك الشؤون منذ عام.

لدى شحيبر طفلة تعاني مرض السيلياك (حساسية القمح) وتحتاج إلى حليب صناعي خاص، ونوعية معينة من الأكل وتطلب عناية صحية شديدة، ومع عدم امتلاكها القدرة المادية لشرائها تراجعت صحة ابنتها، لأنها مضطرة إلى إطعامها ما توفر لديها، كما تخبر.

تقول شحيبر لـ"فلسطين" التي لها خمسة من الأبناء: "في العادة أبتاع الحليب، وبعض المنتجات التي تناسب حالة ابنتي وأسدد المبلغ عند صرف شيك الشؤون، وكذلك باقي الخضار، والفواكه، والدجاج، ومع إطالة الأزمة تراكمت الديون علي فامتنعوا عن بيعي".

وتشير إلى أن زوجها اضطر إلى توقف إرسال ابنها إلى المدرسة، من أجل مساعدته على العمل حتى يتمكن من توفير المال لصرف المتطلبات الأساسية للأسرة.

إفطار من الجيران

ومحمد اسدودي ليس أفضل حالًا من سابقيه، ويعيش ضغوطًا نفسيّة، فاقمت من حالته الصحية، فهو جريح مبتور القدم قطع راتبه، لذا أصبح يحصل على شيك شؤون اجتماعية، لأنه يعاني أمراض السكري، والضغط، والقلب.

يعيل اسدودي (35 عامًا) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، خمسة أطفال، ويتكفل بمصروف والديه، تمر عليه هذه الأيام ثقيلة على قلبه، لأنه لا يستطيع توفير المؤونة الأساسية لشهر رمضان، في ظل تراكم الديون عليه.

يقول اسدودي لـ"فلسطين": "أعيش على القليل مما توفر من مساعدات الجيران، وأهل الخير، ولكن أطفالي يطلبون أبسط الحقوق وهي توفير الدجاج، أو القليل من اللحم ولكن هذا من المستحيلات بالنسبة لي، وغلاء الأسعار يزيد من العبء المادي".

والفرحة بقدوم شهر رمضان منقوصة لدى عائلة اسدودي، لأنه لن يستطيعوا توفير السلع الأساسية اللازمة لهذا الشهر.

يضيف: "رمضان الماضي لم أكن قادرًا على توفير إفطار يومي لأطفالي، وكنت أعيش على ما يتصدق به الجيران من أكل جادت به أيديهم، وأيادي أهل الخير".

ويتابع: "أبنائي مع قرب رمضان لا ينفكون عن سؤالي عن موعد اصطحابهم لشراء مؤونة وزينة رمضان، وأسكتهم بقولي حينما أتسلم شيك الشؤون قريبًا، وها هو قد حل الشهر ولا أمل في الأفق".

وتنتظر 111 ألف أسرة في الضفة الغربية وقطاع غزة تسلُّم الدفعة المالية الثانية من أصل أربع دفعات كان يجب تسلمها عام 2021، بعدما تلقت الدفعة الأولى في 10 مايو/ أيار الماضي، بمبلغ قيمته (750) شيقلًا.

بررت وزارة التنمية في ذلك الحين تقليص المبلغ بعدم التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم مساهمته المالية السنوية للسلطة.

ودأب المنتفعون من المعونة الاجتماعية على تسلم مبالغ مالية تتفاوت من (700 إلى 1800) شيقل، حسب حجم الأسر، وإعالتها مرضى وطلبة، بمبلغ إجمالي يقدر بـ130 مليون شيقل في كل دفعة.