حتى لا يصبح التنسيق والتعاون الأمني عملًا مألوفًا، وركنًا أساسيًّا من أركان الحياة الفلسطينية، فواجبنا نحن الفلسطينيين أن نظل نشير بإصبع الاتهام إلى التنسيق والتعاون الأمني؛ كأكبر خطر يهدد الوجود الفلسطيني نفسه، ويضيق الخناق على القضية السياسية الفلسطينية.
إن كل من يسمع عن مواصلة التنسيق والتعاون الأمني بين المخابرات الإسرائيلية وأجهزة السلطة الفلسطينية، يصل إلى قناعة، بأن الأوضاع في الأراضي المحتلة على ما يرام، وأن المقاومة الفلسطينية هي النشاز الوحيد في معزوفة التوافق بين قيادة منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية، وقد انعكس هذا المفهوم الخاطئ على سياسة الكثير من الأنظمة العربية، التي طبعت مع الصهاينة، وانعكس هذا المفهوم بالسلب على وعي الكثير من الشعوب العربية، التي رجمت القضية الفلسطينية بحجارة قيادة منظمة التحرير.
لقد بات واضحًا لكل أطياف الشعب الفلسطيني أن السبب المباشر في تصفية الشباب في الضفة الغربية، هو التنسيق والتعاون الأمني، فلولا هذا التنسيق والتعاون الأمني اللعين، لما تمكنت أذرع المخابرات الإسرائيلية من اعتقال آلاف الفلسطينيين، وتصفية المئات منهم على مدار السنين، وهذه حقيقة لم تعد تخفى على كل متابع لتبادل الأدوار بين أجهزة السلطة الفلسطينية وأجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وهنا قد يقول البعض: لقد توقف التنسيق والتعاون الأمني، وما يجري هو تنسيق مدني لعلاج المرض، وإدخال البضائع، وهذه كذبة يغطي فيها البعض على حقيقة التنسيق الأمني، من خلال خلطه بالتنسيق المدني، وأزعم أن مطالبة المجلس المركزي بوقف التنسيق والتعاون الأمني لخير شاهد ودليل على تواصل هذه الخطيئة.
وقد يقول البعض: لماذا تفتحون الجرح، وتشقون الصف بالحديث عن التنسيق والتعاون الأمني؟ بحديثكم هذا؛ تحرفون الأنظار عن جرائم الاحتلال! وهذا كلام غير صحيح، فالصمت على التنسيق والتعاون الأمني، هو أجمل هدية تقدم للاحتلال، الذي سيواصل تصفية الشباب، واعتقالهم تحت بند الأمن، لتواصل أجهزة السلطة تقديم المعلومات الرخيصة للمحتلين.
إن الواجب الوطني ليحتم علينا ألا نكل ولا نمل من فضح عورة التنسيق والتعاون الأمني، والمطالبة بضرورة وقف هذه الخطيئة الكبرى، مع مواصلة الطرق على هذا الصفيح، حتى يذوب تحت نيران الإرادة الوطنية، فتجاهل خطيئة التنسيق والتعاون الأمني بحد ذاته خطيئة.
معركة تحرير فلسطين ما زالت في بداياتها، ولن يتذوق الفلسطينيون طعم النصر قبل تصفية التنسيق والتعاون الأمني، وهذه مسؤولية الشعب ورجال المقاومة، فجميعكم مطالب بالضرب بسلاح الثورة والغضب على كل يد تمتد للمخابرات الإسرائيلية بالتنسيق والتعاون الأمني، يجب مهاجمة المنسقين والمتعاونين أمنيًّا بلا خجل أو وجل، يجب مهاجمتهم بالطريقة نفسها التي نهاجم بها المحتلين، فطالما كانت نتائج التنسيق والتعاون الأمني تصفية المقاومة، واعتقال الشباب، وتوفير الأمن للمستوطنين، فإن الحرب على التنسيق والتعاون الأمني لها قداسة الحرب على رجال المخابرات الإسرائيلية، ووحدات المستعربين.