تمثل "قمة الشر التطبيعية" التي نظمها الاحتلال في النقب المحتل مؤخرا محاولة للحفاظ على أمنه، وبناء حلف سياسي واقتصادي يخدم مصالحه، كما يؤكد محللون ومختصون بالشأن الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية نظّمها مركز الدراسات السياسية والتنموية أمس في مدينة غزة، تحت عنوان "اللقاء التطبيعي في النقب.. الأبعاد وسبل المواجهة"، بمشاركة كتاب ومحللين وشخصيات وطنية.
وانطلقت قبل أيام قمة تطبيعية وُصفت بـ"التاريخية" في النقب الفلسطيني المحتل؛ بحضور وزراء خارجية مصر والمغرب والبحرين والإمارات والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي.
وقال المحلل السياسي ناجي الظاظا إن مكان عقد القمة في النقب يحمل دلالات سياسية، حيث يوجد بها قبر بن غوريون، إضافة لدلالات مهمة على صعيد القضية الفلسطينية.
المرحلة المقبلة
وأوضح الظاظا أن النقب يمثل أكثر من 50% من مساحة فلسطين، يسكن فيها 350 ألف فلسطيني، 60% منهم في سن الشباب، لا مستقبل لهم لا بالسكن أو العمل أو حتى رعي الأغنام.
وأشار إلى أن مساعي إسرائيلية لاستجلاب نحو 100 ألف أوكراني على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وإسكانهم في النقب.
وأضاف: "هذه القمة تأتي في سياق تطور العلاقة من التطبيع إلى التحالف، ويجب أن نضعها في مسارها الطبيعي؛ فهي أسست بشكل علني وصريح لإدارة المرحلة المقبلة للمنطقة، وإنشاء تحالف سياسي أمني اقتصادي بما يخدم (إسرائيل)".
وأكد الظاظا أن الأنظمة المشاركة في قمة النقب لم تكن يومًا داعمة بأي شكل من الأشكال للمقاومة، موضحًا أن مواجهة نتائج هذه القمة بدأت باليوم الأول فيها عبر سلسلة عمليات فدائية للمقاومة.
ولفت إلى أن الاحتلال يحاول إبعاد العمليات الثلاث عن المقاومة الفلسطينية وإلصاقها بـ"تنظيم الدولة"، مضيفًا: "لكن شعبنا واضح اليوم أنه بعد معركة سيف القدس بات أمام نهج مقاوم بالفعل، تتوحد وتتفعل فيه الجبهات الأربع".
وذكر الظاظا أن مسار المقاومة لن يتأثر على الإطلاق من هذه القمة، بل المقاومة حصلت على دفعة غير مسبوقة؛ "يجب أن نقرر ونحن مطمئنون أن التطبيع لا سابقًا أو حتى لاحقًا أو حاليًا يستطيع أن يقدم استقرارا سياسيا أو تنمية اقتصادية لتلك الدول، ويجب أن نوصل ذلك للشعوب العربية كي لا ينخدع به أحد.
خوف عميق
بدوره أوضح المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي ناجي البطة أن لقاء النقب يُشكِّل عمقًا إستراتيجيًّا للاحتلال، حيث يوجد به مفاعل ديمونا ومطارات عملاقة للاحتلال.
وأكد البطة أن لقاء النقب يدل على خوف إسرائيلي عميق، قائلاً: إن تعريف الاحتلال للأمن القومي هو الدفاع عن الوجود، وهو ما بات يدرك خطره في المرحلة الحالية.
وقال: "تعد إسرائيل رأس حربة للمشروع الغربي بالمنطقة، لذا فإن انتصار روسيا على الغرب سيكون حتمًا في صالح القضية الفلسطينية"، واصفًا لقاء النقب بـ"لقاء الخائفين".
وأضاف: "اللقاء هو جمع أصحاب القرار بالمنطقة لطمأنت الجانب الإسرائيلي بمباركة أمريكية أن القادم لن يمس بمستقبل الكيان وسيطرته على المنطقة".
وأكد الخبير في شؤون الإقليم صالح القزويني في مداخلة هاتفية له من إيران أن طهران تبنت سياسة المقاومة والدفاع عن القضية الفلسطينية؛ لأنها تعتقد وتؤمن أنها قضية شعب مظلوم وواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي.
من لقيط إلى حليف
وقال القزويني إن لقاء النقب للأسف يأتي بغصّة كبيرة نتيجة الحركات التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي.
وأضاف أن "إيران تأسف بشدة لهذا المؤتمر الذي تحوّل فيه الاحتلال من كيان لقيط بالمنطقة إلى حلف يلتف حوله بعض الدول الإسلامية".
وشدد على أن الاحتلال "هو أوهن من بيت العنكبوت، وبات غير قادر على احتواء مدينة أو مخيم صغير"، متسائلاً: "كيف بإمكان إسرائيل احتواء العالم والأمة العربية والإسلامية؟".
وأكد القزويني أن الأنظمة العربية المطبّعة مع الاحتلال لن تقدم أو تؤخر شيئًا، مضيفًا: "هذه الأنظمة لم تكن يومًا إلى جانب الشعب أو المقاومة الفلسطينية".
وحول سبل مواجهة لقاء النقب، أوضح أن ما حدث مؤخّرًا في فلسطين من عمليات فدائية هي أكبر دليل على أن الأمة قادرة على مواجهة التطبيع، وأن المقاومة حاضرة على الساحة الفلسطينية.