كيف يرى عربي شارك في هذه القمة نفسه في المرآة؟ هل يرى نفسه أنه من رجال القمم؟ من الرجال الذين يأملون في صناعة القمّة ويتوقون لتمثيلها في القمم التي تعقدها الأمم؟ يأتي من مكان إقامته العربية إلى امتداد جغرافي طبيعي لبلده العربي حيث الأرض الفلسطينية الموصولة والمتواصلة جغرافيا وتاريخيا مع أرض بلده، رجل جاء ليشارك في قمّة تعقدها عصابة اغتصبت أرضا من أرضه ومارست كل أشكال الاغتصاب والغطرسة والعربدة على هذه الأرض، والآن يجتمع مع هؤلاء المجرمين اجتماع القمة!
سيتهم المرآة بادئ ذي بدء، هل هذه الصورة التي أراها هي صورتي، أم أن هناك شخصًا آخر تقمّص شخصيتي، سيسأل نفسه؟ أين أنا؟ ولمن هذه الصورة التي ما عهدتها من قبل؟ هل المرآة هنا مختلفة وتغيّر من تعابير الوجه ولغة الجسد؟ هل هي معجونة ومصقولة بمادة شيطانية غيرت الملامح وكست الوجه بكسوة شيطانية وسكبت فيها روحا شريرة مختلفة عن روحها الأصيلة؟
يوم الأرض في فلسطين يثوّر فينا روح الأرض ونشتم فيه رائحة تربة قد سكنتها أرواح الشهداء وروتها من دمائها الزكية فانتشر شذى رائحتها العطرة العبقة ليحيي أرواحنا من جديد وليعيد لها جادة الصواب على خارطة الطريق: طريق التحرّر والتحرير لكامل التراب الفلسطيني دون أي تنازل عن ذرّة من ذراتها.
أيها العربي المنعقد فيما يسمّى قمّة: القمة ليست مع من اغتصبوا الأرض وأقاموا عليها بنيانهم عل جماجم ضحايا مجازرهم، القمّة مع الأصحاب الحقيقيين لهذه الأرض الحرة العربية الفلسطينية، لقد تجاوزت الحق وذهبت بعيدا عن ضميرك وروحك وفكرك الذي لا بدّ وأنهم قد بدّلوا فيك الكثير حتى بتّ لا تعرف نفسك إذا نظرت إليها في المرآة.
يوم الأرض وكلّ أيام فلسطين أيام أرض لا تغيب عن أصحابها الحقيقيين أبدا، أرض تُغتصب وتُقهر ويمارسون عليها كلّ أشكال البغي والفساد، يستغلونها أبشع استغلال بينما أصحابها محرومون من مجرّد زيارتها والنظر إليها، من مدن وقرى الضفة الغربية نسترق النظر لنرى مدننا وقرانا التي دمروها وطردونا منها شرّ طردة، تأتينا الرياح الغربية محمّلة بشذاها العذب، وضاربة لأعماق قلوبنا فيما تحمل من لوعة وشوق، كم أن هذا الهواء الغربي يأتي مشبعا برسائل الشوق والحنين واللوعة والذكريات التي تثوّر الروح وتجعل منها ثائرة يقظة، يانعة العنفوان والتحفّز لا تفتر ولا تتراجع أبدا بل هي باقية على خط النار والثورة إلى أن تتوفّر الفرصة للعودة العزيز والتحرير العظيم.
موعدنا مع تحرير أرضنا قريب بإذن الله عندئذٍ يفرح المؤمنون المرابطون في خندق قضيتهم، ويومئذٍ يبوء المطبعون بخزي وعار تطبيعهم وتلاحقهم مواقف الذلة والنخاسة التي كانوا في يوم من الأيام يسمونها قمة.