فلسطين أون لاين

​"ابن الحارس".. عزيمة لن تسمح للاحتلال رسم مستقبل القدس

...
القدس المحتلة / غزة -يحيى اليعقوبي

ما إن أشارت عقارب الساعة إلى "العاشرة" حتى بدت نبضات قلب قتيبة سامر صيام، تضطرب بانتظار وصول رسالة تحمل إليه أجمل الأخبار السارة بتفوقه في الثانوية العامة.

مع كل ثانية ودقيقة تمر كان نجل حارس المسجد الأقصى، يعيش لحظات توتر، إذ تأخر وصول نتيجته عبر هاتفه المحمول نحو نصف ساعة، وبعد بحث في أحد المواقع عن النتيجة سكن الورع في قلبه ليعود نابضًا بالفرح، وتسكب الألسن التهاني مالئة أرجاء المنزل.

وبعد طول انتظار وصلته نتيجة التفوق بحصوله على معدل 94.7% في الفرع العلمي.

وفي جعبة صيام الحاصل على معدل 94.7% الفرع العلمي، كلام كثير يعبر عن سعادته، قائلًا: "كانت فرحتي فرحتين لأني أكبر إخوتي، وهذه المرة الأولى التي تعيش فيها العائلة أجواء النجاح والتفوق في الثانوية العامة، والفرحة الثانية فرحة المعدل".

وتبدو شخصية صيام هادئة، وبدا ذلك واضحًا من صوته خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، حتى في رسمه لمعالم مدينة القدس الرازحة تحت سطوة العنصرية الإسرائيلية، قائلًا: "واجهت الكثير من الظروف منها وجود الاحتلال بالقدس المحتلة والحواجز العسكرية، والمنع من الوصول إلى المدارس، لكن من لديه هدف وبوصلة محددة، يتجه نحوها بكل ثقة مهما كانت الظروف، فلا يجب الخوف من نتائج الثانوية العامة والمطلوب فقط من طالب الثانوية الاجتهاد والدراسة المستمرة حتى تكون مرحلة سهلة".

ويطمح قتيبة لدراسة "الطب البشري"، مشيرًا إلى أن "علامة التفوق تأتي بالدراسة والتعب والاجتهاد، واستغلال فترة العطلة ما قبل امتحانات التجريبي".

ويعود بالحديث عن المسار الذي سلكه خلال العام الدراسي ليتوجه بهذا التقدير، قائلا: "كنت أثناء الدراسة أخشى على كل دقيقة تمر عليّ من أن تضيع بطريقة خاطئة".

وكانت مدرسته شعفاط الثانوية للبنين بالقدس" أقامت في وقت سابق حفل تخرج لطلبة الثانوية العامة بعد انتهاء الامتحانات.

ولا يخفي قتيبة حرص والده الذي يعمل حارسًا للمسجد الأقصى المبارك، على توفير أجواء الراحة للدراسة خاصة حينما يعود إلى المنزل ليلًا، ومضى يقول: "لم يكن والدي يقلقني بل أعطاني حريتي في كيفية الدراسة وكان يثق بي".

تصميم مقدسي

""شعور النجاح والتفوق لا يوصف إلا حينما يجربه الإنسان بنفسه"، بتلك الكلمات المفعمة بالفرح أجاب الحارس صيام في تعليقه على تفوق نجله قتيبة.

وكان "أبو قتيبة" يردد في كل امتحان يذهب نجله لتقديمه "الله يتمم الامتحان على خير"؛ نظرًا للظروف التي تعيشها مدينة القدس والتي تزامنت مع شهر رمضان المبارك وما صاحبها من أحداث ساخنة عاشتها المدينة المحتلة.

ويتابع متسائلًا: "ماذا أقول؟.. رغم كل هذه الأمور، تفوق قتيبة وهذا إنجاز حقيقي للمقدسيين وكونه نجل حارس المسجد الأقصى، ولعلها من بركات أولى القبلتين وثاني المسجدين التي أشعر بها في نفسي وزوجي وأولادي".

والحارس صيام، مدرس سابق في التربية الإسلامية، ويصف نجاح ابنه بأنه "تصميم مقدسي" رغم كل ما يحدث في القدس بأننا سننجح ونرسم طريقنا ولن نسمح للاحتلال بأن يخط لنا الطريق، ومستقبلنا في بيت المقدس مزهر وجميل جدًا".

ولم يحرم قتيبة، والكلام ما زال لوالده، نفسه من أي رحلة ترفيهية وأمضى العام الماضي بشكل طبيعي، ولكن الفرق أنه رتب وقته بالدراسة، وكان يذهب لصلاة التراويح ويلبي دعوات الإفطار بشهر رمضان ويشارك بالرحل.

ما زال يثني على نجله قائلًا: "رفع رأسي ورأس حراس المسجد الأقصى خاصة بعد الهجمة الشرسة التي كانت مسلطة على حراس الأقصى من قبل الاحتلال، وفي لحظة أرادت فيها قوات الاحتلال تمييع التدريس وأن يفقد الطالب احترامه لمعلمه"، منوهًا إلى أن الثانوية العامة، بحاجة لترتيب أولويات، ثم يأتي الجهد الشخصي للطالب متبوعًا برضا الوالدين والمعلمين".

ويشيد "صيام" بدور مدرسة شعفاط الثانوية للبنين التي خرجت ثلة من المبدعين يتقدمهم الأول على فلسطين مكرر محمد عبد اللطيف تكروري بمعدل 99.7%، لافتًا إلى أن المدرسة "اتبعت نظامًا تعليميًا جادًا ثمرته هؤلاء المتفوقون".