التاسع من أكتوبر عام 2016 كان يوم غير عادي على طالبة الثانوية العامة إيمان أبو صبيح، ففي هذا اليوم ودعها والدها مع والدتها وأشقائها الأربعة، وخرج بنية تسليم نفسه لشرطة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة تنفيذاً لأمر قضائي على خلفية ضربه لشرطي إسرائيلي عند باب حطة بالقدس المحتلة، لكنه ذهب بلا عودة.
عملية بطولية في القدس بالقرب من مركز ما تسمى الشرطة القطرية.. المنفذ الناشط المقدسي مصباح أبو صبيح 39 عاماً، أسفرت عن مقتل اسرائيليين وإصابة ثمانية آخرين واعتقال عدد من أقاربه من بينهم بنته إيمان.
حبس أسبوع
"بقيت في السجن لمدة أسبوع كامل، تلاها فرضت شرطة الاحتلال علي الإقامة الجبرية في المنزل لمدة أسبوع آخر، وبعدها سُمح لي بالذهاب إلى المدرسة، لأجد أن رفيقاتي يتقدم لامتحانات الشهر الثاني بينما أنا لا أعرف إلى أين وصلوا".
بهذه الكلمات حدثتنا ابنة الشهيد مصباح أبو صبيح عن ظروفها الدراسية والتي مرت خلالها بأهم حدث في حياتها ألا وهو استشهاد والدها، ما تسبب في انقطاعها عن الدراسة لمدة أسبوعين متواصلين لتعود وتجد زميلاتها تقدمن في الدراسة بينما هي لا تزال تقف على أول الطريق.
عن حالها تواصل الحديث:" أنا طالبة في الصف العلمي وغيابي طيلة هذه الفترة أثر على دراستي بشكل كبير جداً، في البداية وجدت صعوبة كبيرة في تعويض ما فاتني ثم بدأت بمضاعفة الدراسة إلى أن تمكنت من اللحاق بركب زميلاتي في الدراسة".
الأجواء في منزل عائلة أبو صبيح كانت تحاول أن تهيئ لإيمان الجو الملائم للدراسة بقدر ما تستطيع، والدتها "أم صبيح" تقول:" شعوري بنجاح إيمان لا يوصف رغم أنني تمنيت أن تحصل على معدل أعلى من ذلك لكن مع ما مررنا به من ظروف استثنائية فالحمد لله على هذه النتيجة.
وأشارت والدتها إلى اعتقال شقيقي إيمان التوأم وهما يكبرانها بعام واحد بحجة صلاتهما في المسجد الأقصى، موضحة أنه لا يوجد في منزلها سواها مع ابنتيها ايمان وشقيقتها الأصغر فقط، مما وفر جو من الهدوء في المنزل.
عن عائلتها تقول إيمان:" شقيقي معتقلان والثالث يعمل في مكان بعيد ولا أحد في المنزل سوانا أنا وشقيقتي مع والدتنا، واللتان وفرتا لي أجواء الدراسة المناسبة لدرجة أنهما لا تتابعان شيئا على التلفاز تقريبا"، مضيفاً:" حتى أمي كانت تقول لي أشعر أنني أنا من تتقدم للامتحانات ولستي أنتي يا إيمان"..
وفيما يتعلق بجدولها الدراسي قالت:" كنت منظمة للغاية أدرس في النهار فقط وأنام الليل، وقبل موعد الافطار بساعة تقريبا كنت أتوقف عن الدراسة"، وتابعت:" لم أضغط نفسي وكنت أتوقع معدل أعلى من 84%.
حُلم أبي
وعند سؤال "فلسطين" لها ماذا تنوين أن تدرسي مستقبلاً، أجابت دون تردد:" الصيدلة"، مفسرةً سبب اختيارها بأنها رأت والدها في المنام قبل نحو ثلاثة أسابيع من إعلان نتائج الثانوية العامة يطلب منها أن تدرس هذا التخصص.
واستطرد:" سوف أتقدم لدراسة الصيدلة في جامعة أبو ديس حتى أشكر أبي على المكانة التي منحنا إياها"، ملفتة غلى أن شقيقات والدها حضرن إلى منزل إيمان قبل ليلة من إعلان النتائج للاحتفال بها كونهن يتوقعن لإيمان أن تكون من المتفوقات .
أما أعمامها فقد حضروا إلى منزل بعد اعلان النتائج بحصولها على معدل 89 بالمائة لكن رسالة من شركة جوال أخبرتها أن معدلها 84 وهو ما دفعها للتوجه سريعا إلى مدرستها فتتحقق من نتيجتها أنها 84 بالمائة.
وبالرغم من اللبس الذي حصل في النتيجة توافد أعمام إيمان وجيرانها ومحبي الشهيد مصباح إلى منزل العائلة ليهنئوا إيمان ووالدتها بنجاحها في امتحانات الثانوية العامة، كما قاموا بتوزيع الحلوى ابتهاجاً بهذا الحدث.
يذكر أن الشهيد أبو صبيح هو أسير محرر وأب لخمسة أطفال، أمضى في سجون الاحتلال 39 شهراً على فترات مختلفة، أما الحكم الأخير الذي صدر بحقه لضربه عام 2013، والذي أعادت المحكمة فتحه، وليصدر الحكم بالسجن لأربعة أشهر، ما كان سبباً في استدعائه لتسليم نفسه لشرطة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة.