من الملاحظ في الأيام الاخيرة وجود تحركات سياسية نشطة لأطراف عربية مع العدو الاسرائيلي قيل إن من اهدافها منع انفجار الاوضاع في الضفة الغربية مع اقتراب شهر رمضان المبارك والزيادة الملحوظة في العمليات الفدائية ضد الاحتلال الاسرائيلي وقطعان المستوطنين في الضفة الغربية.
قبل أيام قلنا أن التنفيس عن الشارع الفلسطيني لمنع هبة أو انتفاضة يمكن لدولة الاحتلال أن تقوم به وحدها وليست بحاجة إلى تدخل أطراف خارجية، وحتى لو اندلعت انتفاضة يمكن للاحتلال أن يتعامل معها آخذا بعين الاعتبار المعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة، لذلك اعتقد أن مشاركة اطراف عربية بهذا الشكل النشط يتعدى مخاوف العدو من اندلاع أعمال مقاومة محدودة في الضفة الغربية، وإذا افترضنا أن دولة الاحتلال تخشى من تدهور الأوضاع لتصل إلى حرب مع قطاع غزة فإن الأطراف العربية لن يكون بيدها حيلة للتدخل لأنه إذا وقعت الحرب لن تقف إلا بخضوع أحد الطرفين وغالبا دولة الاحتلال كما في كل معركة مع غزة.
إن اللقاءات العربية الاسرائيلية الحثيثة تأتي في اطار تعزيز عمليات التطبيع بين الطرفين وفي محاولة إسرائيلية وعربية لجر المزيد من الأنظمة العربية لمربع الخيانة والتطبيع، والهدف قد يتوافق مع ما قاله السيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وهو أن الاحتلال يحاول بشكل حثيث ضرب القضية الفلسطينية وإنهاء تفاعلها العربي الاسلامي، أي أن الهدف أبعد من منع انتفاضة قريبة في الضفة الغربية، بل يعمل بشكل اكثر عمقا وأبعد وامدا، فهو يسعى إلى اختراق الدول الاسلامية الداعمة للقضية الفلسطينية كما يحصل في تركيا حاليا، والتغلغل أكثر فأكثر في الدول غير الداعمة للقضية الفلسطينية مثل الإمارات والمغرب وغيرهما من انظمة الانبطاح والتطبيع.
الأنظمة العربية مع بداية الاحتلال زعمت أنها أنظمة مقاومة وحريصة على القضية الفلسطينية وعندما أوشك الاحتلال على نهايته إن شاء الله اظهرت بعضها حقيقة موقفها ووقوفها مع الاحتلال وضد الشعب الفلسطيني وقضيته، وقد تنخدع بعض الأنظمة التي لديها وطنية بهذه الموجة من التطبيع فتلحق بركب المطبعين، وهذه سياسة إسرائيلية قديمة تتلخص في ادعاء الإيمان مع المؤمنين وجه النهار والكفر آخره على أمل أن يرتد بعض الذين امنوا بحق، أي أن إعداء الشعب الفلسطيني من العربان يقلدون المحتل في كل شيء، فهؤلاء وصلوا إلى اخر مراحل الانحطاط، وهل هناك أكثر انحطاطا من احتفال خليجيين بعيد المساخر الإسرائيلي في جزيرة العرب؟
ولكن ما وصلت إليه بعض الانظمة العربية من انحطاط يقابلها صحوة عربية وإسلامية غير مسبوقة، الشعوب العربية والإسلامية بريئة تماما مما يفعل قادتهم، الشعوب العربية والإسلامية لن تسكت عما يجري في فلسطين والقدس ولن تسكت عن الذين يريدون فصلها عن عقيدتها وشرفها ونخوتها وعن عروبتها، أما من يمكرون ليل نهار فليذهبوا إلى الجحيم ولن يضرونا شيئا بإذن الله.