المتابع لمختلف وسائل الإعلام يجد فجوة كبيرة من حيث اعتماد هذه الوسائل على الرجل في الظهور كمحلل سياسي أو اقتصادي وغيره من المجالات الاستراتيجية، في حين تكتفي بظهور المرأة مذيعة أو مقدمة برامج ذات طابع معين.
فالعلاقة بين الإعلام والمرأة كانت وما زالت محل جدل حتى يظن المتابع أن الإعلام يصر على الاكتفاء بظهور المرأة في صورة واحدة فقط، هذه الحال تنطبق على وسائل الإعلام في العالم أجمع، وتزداد الصورة وضوحاً إذا ما اقتربنا من الإعلام العربي والفلسطيني على وجه الخصوص.
رغم خوض المرأة الفلسطينية دورها النضالي والسياسي والاجتماعي جنباً إلى جنب مع الرجل في كل مراحل القضية الفلسطينية، إلا أن دورها الإعلامي المهني تأخر في الظهور، علمًا بأن تاريخ الإعلام الفلسطيني يعود إلى سنوات ما قبل الانتداب البريطاني على فلسطين؛ ولعل ذلك يعود إلى القيود الاجتماعية التي فرضتها العادات والتقاليد الفلسطينية؛ فلم يكن العمل الصحفي في تلك الفترة للنساء عملاً مقبولاً اجتماعياً كالتدريس والتمريض؛ لأن العمل الصحفي يتطلب خروج المرأة واختلاطها بالرجل؛ فاقتصر العمل الإعلامي على عدد محدود من النساء الفلسطينيات، ممن شجعهن أزواجهن وذووهن على خوض غمار هذا الميدان.
لا شك أن المتابع للمشهد الإعلامي الفلسطيني اليوم، يجد فيه مساحة واسعة لمشاركة المرأة الإعلامية في كل المجالات الإذاعية والتلفزيونية والإلكترونية، عدا عن أنها تقوم بكل المهام؛ فنجدها مراسلة تنقل الحدث وتتعرض لنيران الاحتلال؛ ومصورة، ومذيعة، ومقدمة برامج، ومحررة، ومخرجة. وهذا يؤكد تطور مشاركتها الإعلامية بشكل لافت.
إن زيادة عدد العاملات في الحقل الإعلامي، وتزايد إقبال الطالبات على كليات الإعلام بالجامعات الفلسطينية، يدل على تطور مشاركة المرأة الفلسطينية في صناعة المشهد الإعلامي في فلسطين؛ حيث تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن 55% من طلبة كليات الصحافة والإعلام في فلسطين هن من الإناث؛ وهذا يبشر بارتفاع نسبة مشاركة الإناث في الوظائف الإعلامية مستقبلا التي تقدر حاليا بنسبة 17%.
ويعود اتساع المشاركة الإعلامية للمرأة الفلسطينية إلى عدة أسباب، تتمثل في: التغير التدريجي للنظرة السلبية المجتمعية لعمل المرأة في مجال الإعلام؛ ووجود مؤسسات إعلامية تتوفر فيها بيئة محافظة تضمن للمرأة العمل في أجواء اجتماعية وثقافية مقبولة؛ وإثبات المرأة جدارتها في خوض غمار العمل الإعلامي، إلا أنه وبالرغم من اتساع المشاركة الإعلامية للمرأة الفلسطينية، إلا أنها لم تصل إلى مراكز اتخاذ القرار بهذه المؤسسات بما يتناسب مع حجم مشاركتها؛ مع وجود تباين بين قطاع غزة، والضفة الغربية.
كما ما زالت الكفة تميل لصالح الرجل في الظهور عبر وسائل الإعلام كمحلل سياسي أو استراتيجي، ما يوقع المسئولية على المرأة من جانب والإعلام من جانب آخر للعمل على تضييق هذه الفجوة بينهما عبر قرارات واضحة تمنح المرأة دورها الذي تستحق في مختلف الميادين.