فلسطين أون لاين

الغزي ​"أبو خشان" .. بدون أطراف علوية في انتظار حُلم "الوظيفة"

...
أبو خشان (تصوير / الأناضول)
خان يونس - الأناضول

يتحدى الشاب الفلسطيني، عبد الرحيم أبو خشان "28عامًا"، جنوبي قطاع غزة، مصاعب الحياة ويُكمل حياته باستخدام أطراف قدميه فقط، كبديل لأطرافه العُلوية التي لم تنمُ منذ الولادة.

وعاني أبو خشان في السنوات الأولى من حياته، من مصاعب جمّة، خاصة أثناء المشي، لعدم مقدرته على حفظ توازن الجسم.

كما لاقي صعوبات كبيرة في التعليم، وعدم مقدرته على الكتابة، حتى تمرّس تدريجيًا، وأصبح يستخدم قدميه كبديل عن يديه في كُل شيء، وليس في التعليم فحسب.

فاليوم، أصبح بمقدوره، الاعتماد على أصبع الإبهام والمجاور له، في الأكل والشرب بقدميه، وإشعال النار، والكتابة، واستخدام الهاتف والكمبيوتر، ووسائل تكنولوجية أخرى، كالتلفاز والمذياع، والاستحمام، ولبس ملابسه لوحده، والزراعة، وحمل بعض الأشياء الخفيفة.

وجلس أبو خشان، بين أطفاله الثلاثة، وبدأ يُداعبهم؛ فيما استعان بأسنانه في حمل طفلته الصغيرة، ووضعها على عربة بلاستيكية صغيرة، حيث هزها بقدمه مداعباً إياها.

كما حمل على ظهره طفليه الآخريْن واحداً تلو الآخر، محاولاً إسعادهم، بعدما باتوا سر بهجته في الحياة الصعبة التي ما زال يمر بها.

ويُثبت أبو خشان، أن بمقدوره التغلب على كل شيء، حيث أمسك بفنجان قهوة وكوب ماء، وشرب منهما.

كما استعرض مهارته في تناول "التمر"، وقذفه عالياً بقدمه، ومن ثم التقاطه بفمه.

وحينما يتصل عليه أحد، لا يحتاج مساعدة في إخراج الهاتف المحمول من جيبه، بواسطة فمه، ووضعه على أذنه.

وأثار أبو خشان دهشتنا، عندما أمسك "بولاعة" وأشعل النار في البوتوجاز، ووضع عليه إبريقاً مليء بالماء، بينما حمل كُرسياً وجلس بجواره، منتظراً غليان الماء، بهدف إعداد "الشاي".

كما أمسك بسكين، بإصبعي قدميه وباشر بقطع الأعشاب الضارة في فناء منزله، قبل أن يجلس أمام برميل مياه، ليتوضأ، واضعًا الماء على قدمه ماسحًا أعضائه بها.

وواصل الكشف عن مهاراته، ممسكا بقلم، وبدأ يكتب أسماء أبنائه الثلاثة بخطٍ جميل دون أي صعوبات، بينما قلب صفحات كتاب جامعي يمتلكه، من بين عدد من الكُتب المُتخصصة في "التربية الإسلامية" وهو التخصص الذي درسه في الجامعة الإسلامية على مدارس أربعة سنوات، بمنحة جامعية، أنهاها بمُعدل "71%".

لكن أبو خشان، لم يجد فرصة عمل، بعد أن أنهى تعلميه، وذهبت كل جهوده في هذا المجال سدى.

ورغم ذلك، عمل جاهداً على استثمار وقته من خلال التطوع دون مقابل في بعض المؤسسات الأهلية؛ والحصول على أكثر من 30 شهادة خبرة في مجالات تعليمية مُختلفة؛ منها: التعامل مع المجتمع والمؤسسات، والأشخاص ذوي الإعاقة.

ويعاني أبو خشان من ظروف معيشية صعبة، حيث يعيش داخل غرفةٍ صغيرة من الصفيح، أعلى سطح منزل العائلة، مع أطفاله الثلاثة وزوجته، دون وجود أي مصدر رزقٍ وعمل.

ويعيش أبو خشان حالياً على أمل حصوله على مصدر دخل ثابت، من خلال فرصة عمل تناسبه، أو امتلاك القدرة على إقامة مشروع صغير يعتاش من خلاله.

ورغم تلقيه الكثير من الوعود لمساعدته، إلا أن أيا منها لم ينفذ، حسبما قال .

ويقول:" بعد أن مللت من انتظار الوظيفة، سعيت لإقامة مشروع صغير، لإعالة الأسرة، مثل (بقالة) أعمل بها، حيث بإمكاني إدارتها بشكلٍ جيد، فلدي قدرة على التعامل في الحسابات والبيع والشراء، لكني لم أتمكن".

ويضيف:" امتلك مهارات جيدة، فكل شيء أقوم به بواسطة قدماي، حتى أطفالي أتعامل معهم وأداعبهم بشكلٍ طبيعي".

ختم حديثه بالقول:"أتيت على الدنيا دون أطراف عُلوية، وعانيت كثيرًا في بداية حياتي، لكني تغلبت عليها، حتى أنهيت التعليم الجامعي، وانتظرت فرصة عمل، لكن طبيعة المجتمع تفرض طوق حول أي شخص مُعاق".