فلسطين أون لاين

​ما الذي نرجوه عند الله؟

...
غزة - هدى الدلو

من المعلوم أن وجودنا في هذه الحياة لهدف حدده الله لعباده، وهو أن نعبد الله سبحانه حق العبادة، ونرجوه أصدق الرجاء، ونعمل على عمارة الأرض التي استخلفنا الله فيها، إذ جعلنا خلفاءه في أرضه، كما في قوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"، وقال عزّ وجلّ في موضع آخر: "وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم"، ولذلك كان حريٌ بنا أن نعمل على تحقيق هذا الهدف والمطلب السامي الرفيع، ولكن في طريقنا لتحقيق الهدف المنشود، لا بد لنا من ترتيب الأولويات، ومعرفة معالم الطريق، وعلينا أن نعلم ماذا يريد الله منا؟ وماذا نريد نحن منه؟

رضوان الله

قال العضو الاستشاري في رابطة علماء فلسطين أحمد زمارة: "يريد الله منّا معشر عباده أن نعبده لا نشرك به شيئًا، وما نريده نحن هو رضوان الله سبحانه والنعيم في الجنة والاستقرار في الحياة، والمفتاح لهذا وذاك، قول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)".

وأضاف في حديثه لـ"فلسطين" أن العمل الصالح المشفوع بالإيمان الخالص هو أولى خطوات السير لتحقيق الهدف ولنيل الغاية والمراد، لأن المسلم يريد من الله النعيم في الدنيا، ولا بأس في ذلك، وفي الأثر عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا".

وأشار زمارة إلى أنه لا بد للمسلم من أن يعمل لدنياه معتبرًا إياها مزرعة للآخرة، فما تزرعه اليوم فيها من خير تحصده عند الله خيرًا وأعظم أجرًا، مبينا: "واعمل لدنياك أعمالًا تخلد ذكرك بعد وفاتك، وتجلب لك النفع في قبرك، والرضوان بين يدي ربك".

وبيّن أنه بالنظر إلى حال الجيل الأول لوجدناه نعم العباد وخير الرجال، فقد كان الواحد منهم يربط كل عمل له من أمور الدنيا بما يحقق له الهدف المرجو من الله سبحانه، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ: "يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْفَعَةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ"، قَالَ بِلَالٌ: "مَا عَمِلْتُ عَمَلًا فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً مِنْ أَنِّي لَا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي أَنْ أُصَلِّيَ".

وذكر زمارة ما قاله أبو العتاهية: "أرى الدنيا لمن هي في يديه***عذابًا كلما كثرت لديه، تهين المكرمين لها بصغر***وتكرم كل من هانت عليه، إذا استغنيت عن شيء فدعه*** وخذ ما أنت محتاج إليه".

ونوه إلى أن الإنسان لو راجع نفسه سريعًا وفكّر فيما يرجوه من الله سيجد نفسه غافلًا وغير مهتم، وستكون قائمة الرجاء من الأساسيات كالعبادات المفروضة، وسيجد أنه لا يؤديها على الوجه المطلوب، فمثلا الصلوات نؤديها بحركات سريعة ونكتفي فيها بتلاوة قصار السور، وبالكاد نستقطع من وقتنا لقراءة القرآن دون حضور الذهن والقلب، وغيرها لذلك لا بد من أداء العبادات على أكمل وجه لنحقق ما نرجوه عند الله.