يلاحظ المتابع للمشهد الإسرائيلي حالة من الاستعداد والاستنفار لقدوم الشهر الكريم بعد أيام قليلة، وسط ربط لافت لا تخطئه العين، بين العد التنازلي لاحتفال الفلسطينيين به، وإمكانية تصاعد المقاومة، الأمر الذي تمثل في نشر المزيد من قوات الاحتلال من جيش وشرطة وحرس حدود وأجهزة أمنية في المناطق الفلسطينية ذات الحساسية الدينية، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس المحتلة، والحرم الإبراهيمي في خليل الرحمن.
ليست المرة الأولى التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهذه التحركات الأمنية لاستقبال شهر رمضان، مع تزايد فرضية اندلاع حالة من المقاومة الفلسطينية بمختلف أشكالها خلاله، فقد دأبت هذه السلطات فور اقتراب الشهر الفضيل من كل عام على تشديد إجراءاتها القائمة على محاولة كبح جماح المقاومة عن تنفيذ عملياتها بتصعيد الاعتقالات، ونشر المزيد من قواتها على المعابر، والطرق المحورية.
في المقابل، أثبتت المقاومة قدرتها على المحافظة على وتيرتها في كل رمضان، بل تزيدها، ما يجعل قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية تعد قدوم الشهر من كل عام، موسمًا لزيادة تحريض المقاومة على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد الإسرائيليين، ويثير مزيدًا من مخاوفها الأمنية، لأن المقاومة جعلت منه موسمًا للعمليات والانتصارات، إذ تستثمر أجواءه الروحانية في رفع معنويات المقاومين، وتكثيف عملياتهم، وهو ما تحسب الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية حسابه عند قدوم شهر رمضان من كل عام.
لا يخفي الإسرائيليون أنهم يرصدون ما شهده الشهر الفضيل من مناسبات وطنية ودينية لدى الفلسطينيين، قديمًا وحديثًا، حتى تبدى للاحتلال أن المقاومة تعمدت في كثير من الأحيان تنفيذ عملياتها وهجماتها القوية ضد قواته ومستوطنيه في هذا الشهر بصورة خاصة، لما له من دور تعبوي وتعبدي تؤكده مواقع وغزوات شهيرة في التاريخ الإسلامي.
لقد استمدت المقاومة حالة التعبئة والتحريض على تنفيذ عملياتها في شهر رمضان من التاريخ الحافل للحروب والفتوحات التي شهدها، ما شكل إلهامًا للمقاومة من أجل محاكاتها، ولذلك جرت العادة أن يشهد رمضان من كل عام تصاعدًا في عملياتها.
كما دأبت أجهزة الأمن الإسرائيلية على التحذير دومًا من أن رمضان شهر محفز للقتال، وعمليات المقاومة، إذ يحمل أجواء يزداد فيها الاستعداد للبذل والتضحية، اعتمادًا على مؤثرات دينية ونفسية تنعكس تلقائيًّا على المقاوم، لذلك يبدو ارتفاع منسوب المقاومة للاحتلال في كل رمضان بشكل واضح، لأنها تحمل بعدًا دينيًّا، ولذلك تظهر أجندة المقاومة حافلة بالعديد من عمليات الطعن بالسكاكين، والدعس بالسيارات، وإطلاق النار، ووضع العبوات الناسفة، ما يسفر عن وقوع خسائر بشرية إسرائيلية بين الجنود والمستوطنين.