فلسطين أون لاين

تبنى قضية الأسرى واغتيل في ذكرى يومهم

تقرير الشهيد "الرنتيسي".. كاريزما وطنية تأثرت بها أجيال متعاقبة

...
غزة/ أدهم الشريف:

عندما تحدث الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عن الشهادة قال أمام وسائل الإعلام وبُثَّ كلامه على فضائيات العالم: إنه يفضل الموت بطائرات الأباتشي.

وتحققت أمنيته بعد مدة قصيرة من تصريحاته التي أدلى بها وانتشرت على نطاقٍ واسع، بجريمة اغتيال نفذها الاحتلال الإسرائيلي بمروحيات حربية أمريكية الصنع من نوع "أباتشي" مستهدفة مركبة كان يستقلها مع اثنين من مرافقيه بمدينة غزة.

لكن قبل رحيله شهد الرنتيسي مراحل مهمة من الصراع بين الشعب الفلسطيني والاحتلال، وشكل أحد أعلام المقاومة والمواجهة مع المحتل.

ويجمع كثيرون ممن عايشوا الرنتيسي أنه تمتع بكاريزما وطنية من الدرجة الأولى جعلته قادرًا على بناء أجيال تؤمن بنهج الجهاد والمقاومة في سبيل الخلاص من الاحتلال.

وكان الرنتيسي يشغل منصب قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس عند اغتياله في 17 أبريل/ نيسان 2004، بعد سنوات طويلة من الملاحقة والأسر والاعتقال في سجون الاحتلال والسلطة.

شخصية عظيمة

والقيادي في حركة حماس النائب مشير المصري إحدى الشخصيات التي تأثرت كثيرًا بشخصية وكاريزما الرنتيسي على عدة مراحل داخل الجامعة الإسلامية وخارجها.

يقول المصري لصحيفة "فلسطين": إن للشهيد الرنتيسي مكانة عظيمة ظهرت في شخصيته الثائرة التي زرعت حب الوطن وغرست مفهوم الجهاد لدى الشباب ممن تأثروا به وخطابه الحماسي، وتحريضه الدائم على الجهاد ونبرته الصوتية الشامخة وشخصيته الثائرة التي لا تعرف المساومة أو التنازل.

وأضاف أن "شخصية الرنتيسي كانت محل تأثير كبير لدى الشباب، إذ التقت معهم في الثورة والحماسة التي تعد ميزة شبابية تميز بها هذا الرجل، وقد رأينا مدى تأثرهم الكبير به والتفافهم حوله وسماع خطابه ومشاركتهم في اللقاءات والمهرجانات التي كان يلقي الكلمات فيها".

وأشار المصري إلى أنه كان أحد الشباب الذين تأثروا بشكل مباشر بالرنتيسي خلال مرحلة الدراسة الجامعية في الجامعة الإسلامية واللقاءات المستمرة معه، وخلال وجوده في مجلس طلاب الجامعة وقيادة الجناح الطلابي لحركة حماس الكتلة الإسلامية، وكذلك من خلال العمل معه عن قرب في الدائرة الإعلامية لحركة حماس التي كان يقودها الطبيب الشهيد قبيل استشهاده بسنوات قليلة.

"تأثرت بخطاباته الثائرة والحماسية، وانعكاس شخصيته الثورية على طبيعة أدائي الخطابي بشكل مباشر"، والقول للمصري، مردفا أن لحظة استشهاد الرنتيسي كانت أكثر اللحظات التي تأثرت بها نتيجة قربي منه وعظيم التأثر بشخصيته الملتزمة، لا نزال نتفيأ ظلاله دومًا ونستحضر ذكراه العامرة في قلوبنا ومواطن تحريضه على الجهاد وإخلاصه في حبه للشهادة في سبيل الله واستعداده للتضحية.

ويؤمن المصري أن تأثر الشباب بخطابات الرنتيسي لا يزال حاضرًا حتى لمن لم يلتقِ به، إذ أصبحت خطابات عديدة له تاريخيةً تعبر عن مواقفه الراسخة والشامخة كالجبال، وهي تبث باستمرار وتجد من يسمعها ويصغي لها باهتمام كبير، مردفا أن الكاريزما التي توفرت فيه تأثرت بها أجيال متعاقبة، سواء ممن عايشوه أو من تأثروا به بعد ذلك.

القائد الإنسان

وتصف رشا العدلوني "أم محمد" زوجها الشهيد الرنتيسي بـ"القائد الإنسان الذي مثل الإسلام بشموليته"، مضيفة أنه كان مجاهدًا يقول كلمة الحق ولا يخاف لومة لائم، إنسانًا بارًا بأمه كريما لبناته وأخواته، يتعامل مع أبنائه بمبدأ الأب الصديق الذي يحرص على تربيتهم بعيدًا عن العقاب المؤذي من خلال التعزيز وتطوير قدراتهم وإبداعاتهم.

وتقول العدلوني لـ"فلسطين" إنه "تعامل معي كزوج من باب حديث رسول الله خيركم خيركم لأهله، فقد كان داخل البيت الإنسان الذي يحرص على إسعاد كل من حوله، وإذا تحدثت عن الإنسان الثائر فهذا الإنسان مرهف الإحساس الذي أحب عائلته ووطنه وأمته، فكتب فيهم الأشعار".

وذكرت أن الشهيد الرنتيسي تميز أكاديميا واستخدم ذلك في خدمة أبناء شعبه بكل ما يستطيع.

وبشأن تعامله مع أبناء شعبه إن كانوا من فصائل المقاومة والتحرر الوطني، أو بصفة عامة، قالت: إنه كان كريمًا ودودًا وصاحب أخلاق رفيعة رغم اختلافه مع البعض أحيانا، وقد حرص على إعلاء كلمة الله وخدمة وطنه وعدم التنازل عن الثوابت.

وأضافت أن الرنتيسي كان يجاهد في سبيل الله، وحريصا سياسيا، خاصة بشأن التمسك بالثوابت الوطنية التي لا يمكن لأحد التنازل عنها وخاصة ما يتعلق بقضية الأسرى والعودة وتحرير فلسطين كاملة، مشيرة إلى أنه كان يحاول جاهدًا مشاركة المرابطين على الحدود ليؤدي رسالته مع أبناء شعبه ويوصل رسالة لهم أن القيادة بين الجنود.

وفي ملف الأسرى، أفادت بأن الرنتيسي عندما تحرر من سجون الاحتلال قال: لن يقر لي قرار ولن يهدأ لي بال حتى يخرج آخر أسير من سجون الاحتلال، لافتة إلى أن صور الأسرى كانت تحت وسادته، يقلبها يوميا ويدعو الله لهم بتفريج كربهم، وكان أحد أبرز المعنيين بعمليات أسر جنود الاحتلال والمساومة عليهم لكسر قيد الأسرى.

ووافقت جريمة اغتيال الرنتيسي ذكرى يوم الأسير الفلسطيني 17 أبريل/ نيسان من عام 2004، وهذا التاريخ يحييه الشعب الفلسطيني بفعاليات وطنية دعمًا وإسنادًا للأسرى.