فلسطين أون لاين

تركيا تُعيد مياه التطبيع إلى مجاريها

زيارة الرئيس الصهيوني "هيرتسوغ" الحالية لتركيا ليست الأولى، وتطبيع تركيا لعلاقاتها مع الكيان ليس غريبًا، فعلاقات تركيا مع الكيان الصهيوني علاقات قديمة، تعود إلى تاريخ إنشاء الكيان، وحتى بعد وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم، وتولِّي أردوغان مقاليد السلطة في تركيا استمرّت العلاقة، وتبادل الزيارات، فقد زار أردوغان ووزير خارجيته عبد الله غل الكيان الصهيوني، وقام رئيسُ حكومة الاحتلال آنذاك "أولمرت" بزيارة تركيا، كل ذلك بهدف تحسين العلاقات بين الطرفين، وزيادة التعاون المشترك.

فالتطبيع بين تركيا والكيان ليس جديدا، وإنما أُعيدت العلاقات إلى سابق عهدها بزيارة رئيس الكيان الأخيرة لتركيا، بعد أن توترت العلاقات منذ (14) عاما، على إثر انتقاد تركيا للحرب الصهيونية على غزة عام (2008) وما حدث بعدها مع سفينة مرمرة التركية من اعتداء صهيوني عام (2010) الأمر الذي جعل تركيا تقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني.

وحتى رغم توتّر العلاقات بين الطرفين طيلة الفترة الماضية إلا أن الاتصالات لم تنقطع، والعلاقات التجارية متواصلة، بل وبعض التعاون الأمني لم ينقطع.

واللافت أن شعوبنا العربية تتعامل بالعاطفة، ولذلك شعروا بالإحباط الشديد، وانتقدوا الزيارة انتقادا لاذعا هذه الزيارة، رغم أن تاريخ التطبيع قديم، والعلاقات والتعاون المشترك بين الطرفين لم ينقطع تماما.

فقد رسمت شعوبنا العربية عامة، وشعبنا الفلسطيني خاصة صورة جميلة لتركيا الجديدة، ولشخص أردوغان، خاصة بعد مواقفه في بعض القضايا العربية، وقضية فلسطين، فكسب تعاطف الشعوب العربية والإسلامية، فرأوا فيه القائد المسلم الذي يسعى لإعادة خلافة المسلمين، ولكن بعد إعادة مياه التطبيع إلى مجاريها شعروا بخيبة أمل كبيرة، وتشوّهت هذه الصورة الكبيرة في أنظارهم.

تركيا في سياستها الخارجية تتعامل ببراغماتية عالية جدا، حتى لو كانت العلاقات مع الكيان الصهيوني، وما نراه نحن ثوابت ومبادئ ليس كذلك عندهم، فالمصالح هي التي تتحدث.

وخلاصة ذلك: فالتطبيع مع الكيان الصهيوني مرفوض ومُجرَّم بجميع أشكاله، الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، ومهما اختلفت جهاته، سواء دول عربية أو إسلامية، أو أحزاب، أو منظمات، أو مؤسسات، أو حتى أشخاص.

وما فعلته تركيا باستقبال رئيس الكيان وتطبيع العلاقات معها غير مُبرَّر، وليس جديدا، بل هو إعادة العلاقات لسابق عهدها، وهذا مُحفّز لشعبنا الفلسطيني أن يعتمد على نفسه في مقاومة الاحتلال، ونشر روايتنا الفلسطينية الصحيحة.