فلسطين أون لاين

تقرير "فلسطينُنَا".. تطبيق وموقع يكسران حدود الجغرافيا تعريفًا بالهوية

...
غزة/ هدى الدلو:

"يقولون: ضاعت أرضي، ومُحيت الذكريات من عقلي، وهدم بيتي، وحرقت بساتيني وزرعي، وأقول: لا، لم تُمحَ الذكريات يومًا، ولم تغب شمس الآمال عن عيني، هناك بيتي وأرضي وقدسي أراها في صحوي ونومي (...) لست لاجئا، لي وطن وأرض وهويتي لن تمحوها السنون مهما تعالت أصوات الغاصبين، وإليك يا قدس سأعود".

بهذه الكلمات وأزيد، يُعرف صاحب الموقع إيثار الشروف فكرته التي يحاول من خلالها بجهد شخصي إيصال القضية الفلسطينية ومأساة شعبها مع الاحتلال الإسرائيلي لجميع أنحاء العالم.

الشاب الشروف من مدينة الخليل وبالتحديد من قرية نوبا، مبرمج فلسطيني، عانى في طفولته كبقية أبناء الشعب الفلسطيني ظلم الاحتلال باعتقال والده وأقاربه بشكل متكرر، واقتحام البيت والتفتيش المستمر له فلم يشعر بالأمان والاستقرار، حتى أن والده في آخر عملية اعتقال تعرض لضرب شديد أمام ناظريه ولم يقوى على فعل شيء، ما أدى لإصابته بنوبات إغماء رافقته حتى توفاه الله بسبب عدم قدرة الدم على الوصول إلى الدماغ بشكل سليم.

لم تكن الفكرة وليدة اليوم، بل فكر بها مرارًا وتكرارًا منذ سنوات، كما يقول لصحيفة "فلسطين"، مستدركًا: "لكن صدقًا الحافز الأكبر لتنفيذها كان الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث كنت أنشر الأخبار باللغة الإنجليزية على حسابي في موقع التواصل الاجتماعي "لينكد إن" وكذلك أدخل نقاشات في تطبيق "كلوب هاوس" حول جرائم الاحتلال وأحقيتنا نحن الفلسطينيين والمسلمين بأرض فلسطين، وأن الإسرائيليون هم محتلون لهذه الأرض ولا أحقية لهم بها".

تفنيد الرواية

وفي أحد المنشورات التي نشرها الشروف على موقع "لينكد إن" والتي تخص هدم وتدمير منزل الصحفي علاء شمالي خلال الحرب، يومها حصل المنشور على تفاعل كبير وكانت ردود الإسرائيليين عليه كثيرة، "فعاد بنا النقاش إلى أول سكان فلسطين، وبالطبع كان هناك عرب وفلسطينيون ومناصرون لفلسطين يدخلون معي بالنقاش، إلا أنني لاحظت نقصا بالمعلومات عند غير الفلسطينيين، فمن هنا جاءت الشرارة كي أبدأ بعمل موقع وتطبيق حمل اسم "فلسطيننا".

يعمل الشروف من خلال الموقع والتطبيق على نشر معلومات عن القضية الفلسطينية وأحقية الفلسطينيين في هذه الأرض، وتفنيد الرواية الصهيونية "أرض بلا شعب"، بالإضافة إلى إبراز كيف كان أهل فلسطين يعملون بمختلف المجالات من صناعة وطب وزراعة واقتصاد قبل النكبة، لكن الاحتلال الصهيوني دمر كل ذلك.

ويشير إلى أن الموقع والتطبيق يرفعان شعار "العودة حق يأبى النسيان"، ويحاول من خلالهما إيصال رسالة بأن العودة حق لن يتساقط مع مرور الزمان، فكل فلسطيني خرج بفعل الاحتلال قلبه لا يزال متعلقا بفلسطين وبأرضه ومكان ولادته وولادة أجداده، فالأمل يبقى موجودا دائمًا مهما طالت السنون.

ومن الموضوعات التي يتم تسليط الضوء عليها، قبل النكبة كيف كانت فلسطين، وملكية الأراضي فيها، وتاريخ الوجود اليهودي في فلسطين، وحكايات الصمود قبل عام 1948، والمجازر الصهيونية قبل النكبة، والاحتلال عام 1948، وقرارات الأمم المتحدة، إلى جانب أدوات تغيير الهوية الفلسطينية، والقرى التي دمرها الاحتلال، والمجازر التي ارتكبها، والمسجد الأقصى وأهميته للفلسطينيين والأحداث التي تعرض لها.

ويلفت الشروف إلى أنه يتناول أيضًا المخيمات الفلسطينية، والأسرى، والمواقع الأثرية في فلسطين، وأسئلة وأجوبة حيث يستطيع من خلالها مستخدم التطبيق اختبار ذاكرته في العديد من القضايا التي تخص القضية الفلسطينية.

ويوضح أن الشريحة الأولى المستهدفة هي الجيل الفلسطيني الجديد في محاولة لإنعاش الذاكرة تحت عنوان "كي لا ننسى"، وكذلك الناطقون باللغة العربية في كل مكان، وفي المستقبل سيتم توسيع الشريحة حيث ستتم ترجمة الموقع للغات أخرى.

معضلة الخوارزميات

فالصفحة منذ انطلاقها وخلال شهرين وصل عدد المتابعين لها إلى 37 ألفا، وكان هناك تفاعل بالفعل لكن إدارة فيسبوك حذفتها بعد نشرها صورا للشهيدين (يحيى عياش، ورائد الكرمي)، ومنشورا عن عملية سابينا، أما بالنسبة للموقع فمعدل الزوار إليه يوميًا يقارب 500 زائر، بينما التطبيق بعد إطلاقه بأسبوع وصل عدد مرات التحميل حسب إحصائية جوجل 700 وحسب متجر أبل 200.

وإلى جانب سياسة الفيس بوك وغيرها من شركات التواصل الاجتماعي التي تحارب المحتوى الفلسطيني، يواجه الشروف مشكلة ضيق الوقت لكون الموقع والتطبيق جهدا شخصيا، ولا تقف وراءه أي مؤسسة، والمعلومات التي يتم نشرها تحتاج إلى تحقق منها.

ويتيح فرصة المشاركة في الموقع سواء بالترجمة إلى لغات أخرى، أو إضافة معلومات ومواضيع جديدة، أو حتى التعديل، وحاليًا يعمل على إنشاء محتوى بعنوان "أكاذيب إسرائيلية"، في ظل محاولات الاحتلال لسرقة التراث الفلسطيني.