حركت الحرب في أوكرانيا غريزة العدوان لدى قادة الكيان الصهيوني، وأثارت المخاوف لدى الإسرائيليين على مستقبلهم، فجاء تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ليطمئن المجتمع الإسرائيلي، وهو يحدثهم عن قدرات جيشهم على احتلال المدن الفلسطينية في قطاع غزة، على غرار احتلال المدن الفلسطينية في الضفة الغربية سنة 2002.
لقد تجاهل رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي عشرين سنة من المعارك والحروب التي خاضها جيشه ضد أهالي قطاع غزة، وخرج منها مهزومًا مدحورًا؛ فبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سنة 2005، حاول جابي أشكنازي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي احتلال مدن قطاع غزة سنة 2008، وتقدم بجيوشه عدة كيلو مترات وسط قطاع غزة، ورغم غضاضة المقاومة في ذلك الوقت، فقد أجبرت رئيس الأركان وجيشه على الانسحاب، دون قيد أو شرط، بعد 22 يومًا من القتال.
سنة 2012، قصفت المقاومة تل أبيب بصواريخها، ودارت حرب ضروس لعدة أيام، ومع ذلك؛ لم يجرؤ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يوآب غالانت، على المنازلة البرية، وظل حذرًا، ولم يتوغل بالجيش بعيدًا داخل قطاع غزة.
وفي سنة 2014، امتطى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بني غانتس صهوة النيران المكثفة، وأحرق الأرض، وتقدم بجيوشه في عدة محاور، وكان الهدف احتلال مدن قطاع غزة، واجتثاث المقاومة الفلسطينية من جذورها، ولكنه خاب، وغرق جيشه في الشجاعية شرق مدينة غزة، وفي قرى شرق خان يونس ورفح، واضطر للانسحاب مهزومًا بعد 51 يومًا من المعارك.
درس الفشل في احتلال مدن قطاع غزة، تراكم صدأً على جنازير الدبابات الإسرائيلية، وأدركه رئيس أركان الجيش جادي أيزنكوت، الذي حرص على عدم الزج بجيشه في أي معارك على أرض غزة، رغم عدة جولات من القتال والتصعيد، بلغت ذروتها في المواجهة التي حدثت سنة 2019 شرق خان يونس.
سنة 2015، بادرت المقاومة الفلسطينية إلى معركة سيف القدس، وعلى مدار أحد عشر يومًا من القتال، لم يسمح خلالها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي أفيف كوخافي باقتراب الدبابات والمجنزرات الإسرائيلية من سياج قطاع غزة، وظلت بعيدة لمسافة تزيد على 5 كيلو مترات، حتى توسط الرئيس الأمريكي لوقف القتال، بعد أن أغلقت المقاومة الفلسطينية الفضاء، وفرضت على عدة ملايين من الإسرائيليين أن يبيتوا أيامًا وليالي في الملاجئ.
تهديدات أفيف كوخافي باجتياح مدن غزة جاءت لتطمئن جنود الجيش الإسرائيلي، الذين باتوا يرتعبون لذكر غزة، بعد أن فقدوا في ضواحيها مصير خمسة إسرائيليين أسرى، ما زال مصيرهم مجهولًا، رغم مرور 8 أعوام على وقوعهم في الأسر، وفي هذا دليل على انكسار هيبة الجيش الإسرائيلي، وهيبة المخابرات الإسرائيلية، أمام صمود أهل غزة.
ذلك بشأن مدن قطاع غزة، أما بشأن مدن الضفة الغربية، فإن الجيش الإسرائيلي بكل أذرعه العسكرية والأمنية يقف اليوم عاجزًا أمام رجال المقاومة في الضفة الغربية، والذين يواصلون حربهم لعدوهم رغم مرور عشرين سنة على احتلال مدن الضفة الغربية، وبسط السيطرة العسكرية والأمنية عليها، عشرون عامًا كبر فيها الصغير، وهو يسمع عن بطولات مخيم جنين ونابلس ورام الله وسلفيت والقدس والخليل وكنيسة المهد في بيت لحم، كبر الصغير، واشتد عوده الوطني، ليواصل مشوار المقاومة في مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها، والتي لم تبخل يومًا في تقديم الشهداء والجرحى والأسرى، وما زالت على العهد، وبجاهزية عالية لتقديم المزيد من التضحيات في سبيل حرية الأرض والإنسان.