فلسطين أون لاين

حوار "هارون": واقع الفلسطينيات تحت الاحتلال قاسٍ جدًّا ومعاناتهن مُركَّبة

...
وكيل وزارة شؤون المرأة المساعد بغزة، أميرة هارون (تصوير: محمود أبو حصيرة)
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

وصفت وكيل وزارة شؤون المرأة المساعد بغزة، أميرة هارون، واقع المرأة الفلسطينية بأنه "قاسٍ جدًّا" بفعل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي تواجهها خاصة الحصار المفروض على غزة والتهجير القسري بالضفة الغربية وغيرها.

ونبهت هارون إلى أن انتهاكات الاحتلال الجسيمة تحول دون وجود أسس لحياة كريمة للنساء الفلسطينيات فلا يوجد أمن ولا حرية في التنقل ولا يتوانى عن إعدامهن بدم بارد في الشوارع ما يجعل واقع المرأة تحت الاحتلال معقدًا جدًّا.

في الوقت نفسه توضح أن هناك واقعًا له علاقة بالمجتمع الذي يتبنى اعتقادات وأفكارًا سلبية حول المرأة، بجانب الواقع الاقتصادي الصعب فأكثر من 73% من سكان القطاع تحت خط الفقر، و11% من الأسر التي تعيلها النساء نسبة الفقر فيها أعلى، وفي الربع الأخير من العام الماضي وصلت نسبة البطالة إلى 64%".

آثار سلبية

ومنذ عام 2007م، تفرض (إسرائيل) حصارًا على سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني فلسطيني، نتج عنه تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية والمعيشية.

وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2021، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 50%.

وتضيف هارون أن نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة لا تتجاوز 17%، في حين تعاني العاملات في القطاع الخاص مشكلات كبيرة منها: أجورها دون الحد الأدنى، وعملهن دون عقود تحفظ حقوقهن.

ولفتت إلى أن المرأة تتحمل أيضًا الآثار السلبية المباشرة لبطالة الرجل والضغوط النفسية التي يعانيها، أو إذا كان جريحًا أو أسيرًا أو شهيدًا، بجانب أن الثقافة المجتمعية تحملها أكثر مما تحتمل فمساحات الحرية الممنوحة لها أقل بكثير من الرجل ومما يمنحه لها الدين الإسلامي.

وأبدت أسفها لكون بعض العادات والتقاليد ومنظومة الوعي المجتمعي تحرم المرأة من حقوق كثيرة لها كالذمة المالية المستقلة، "أكثر مشكلات تصل إلينا هي مشكلات المرأة العاملة بخصوص الذمة المالية مع الزوج والأهل وأهل الزوج، وحرمانها من الميراث، وتعرضها لسوء المعاملة والعنف بكل أنواعه ضدها بما يسيء لكرامتها".

وتشير إلى أن من أسوأ أنواع التعامل المجتمعي مع المرأة هي التعامل مع التي تتعرض للاغتصاب، كـ"سفاح القربى" فيضيع الحق بداعي "الستر" وغالبًا ما تكون طفلة دُمرت حياتها من كل النواحي و"لكن للأسف هناك ثقافة تُحملها المسؤولية عما حدث لها".

وتؤكد هارون أن القوانين الفلسطينية الحالية خاصة قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات بحاجة لإعادة نظر، لتنظيم المجتمع بالشكل الصحيح، "فالقانون غير المناسب يسبب الفوضى وهضم الحقوق".

أولويات الوزارة

وإذ تشير وكيل شؤون المرأة المساعد إلى مساعٍ لتطوير المنظومة الحقوقية وإعادة صياغة القوانين ذات الصلة بالمرأة لحمايتها وتوفير بيئة كريمة عبر جملة سياسات، وتمكن الوزارة من تعديل "قانون حضانة الأرامل"، عزت السكون في الفترة الفائتة رغم قناعة الجهات المعنية بحتمية تعديل القوانين ولكن لوجود نهج سياسي بغزة يهدف لعدم "تجذير الانقسام".

واستدركت هارون بالقول: "لكن مع عدم وجود أفق لإتمام الوحدة الوطنية في الوضع الراهن، ولوجود حاجات للناس تحتاج لقوانين معدلة، فتم الاتفاق في الثامن من مارس (بين التشريعي والوزارة والقضاء التشريعي على دراسة نقاط الضعف في قوانين "الأحوال الشخصية والعائلة" والخروج بقانون يحمي المرأة ومكونات المجتمع الأخرى.

وإذ تؤكد أن هذه القوانين بحاجة لإعادة صياغة ومعالجة القصور فيها، تقول إن الوزارة "لا تنتظر تعديل التشريعات، بل نقوم بإقرار سياسات حكومية تحمي المرأة كالتحضير لسياسات تحمي صاحبة المشروع الخاص، والعمل على حل إشكالية الأطفال غير المحضونين في حالة الطلاق".

وتلفت هارون إلى أن الوزارة على وشك الإعلان عن نتائج دراسة بيئة المرأة العاملة على طريق إقرار سياسات تحمي حقوقها، "فنحن نعمل على عدة أهداف أهمها تعزيز صمود المرأة وتمكينها من كل النواحي، لدينا مشروع التمكين الاقتصادي الذي يقدم القرض الحسن لمن يردن إقامة مشاريع خاصة".

وتابعت: "وهناك برنامج تدريبي دائم لـ"بناء مهارات وتطوير قدرات المرأة الفلسطيني" من مختلف الفئات، وهناك "المركز الوطني لدراسات المرأة" الذي يقدم دراسات تحدد السياسة الحكومية بناء عليها عبر معرفة الاحتياجات الحقيقية للمرأة".

وتعزو وكيل شؤون المرأة المساعد حالة العنف ضد المرأة لأسباب مرتبطة بكونها حالات فردية وأخرى عائدة لثقافة اجتماعية، "ففي العام الماضي هناك 26 حالة قتل لنساء وهو عدد كبير جدًّا، ليس المطلوب منا أن ننتظر ليصبح ظاهرة ثم نبدأ بالعلاج، فنحن ضد كل أساليب العنف ضد المرأة، فإذا كانت المرأة في كل أنحاء العالم تستحق أن تُكرم فإن المرأة الفلسطينية أولى بهذا التكريم".

صياغة الوعي

وتشدد هارون على أنه لا يوجد أي مسوغ لقتل النساء بهذه الوحشية، "نتعامل مع موضوع العنف بعدة أساليب: أولها العمل على إعادة صياغة الوعي في المجتمع الفلسطيني ومعالجة الثقافة السلبية وتوفير البيئة الآمنة للأسرة حتى لا تعاني المرأة العنف.

وتشير إلى أن مطالبة الوزارة الدائمة بأدوات حماية للمرأة وإعدادها دليل الإجراءات الموحد للاستجابة ومعالجة حالات الناجيات من العنف، كإطار منهجي للتشبيك مع المؤسسات المجتمعية التي تتعامل مع المرأة المعنفة والحيلولة دون تعرضها للعنف مرة أخرى وعلاج الأثر النفسي لهذا العنف.

وأردفت بالقول: "ومن ذلك مشروع رخصة قيادة الأسرة التي أقررناها بالتوافق مع مجلس القضاء الأعلى لبناء قواعد أساسية لتشكيل الأسرة بشكل جيد، ونعمل أيضًا على إقرار استثناء قتلة النساء من قانون الصلح الجزائي وتقديمهم للمحاكمة، فلا يوجد أسرة صالحة إذا ما قُتلت الأم".

رضى نسبي

وعن واقع المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، عبرت هارون عن رضاها النسبي عما وصلت له المرأة في الأحزاب السياسية، معتبرة أن تعطيل الحياة السياسية بشكل عام بسبب الانقسام يحرم المرأة من الوصول لمراتب أعلى.

ومضى إلى القول، أن مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار أصبحت أفضل من السابق، "فمثلًا في الترقيات الأخيرة في الحكومة بغزة للوظائف الإشرافية فازت المرأة فيها بنسبة 35%".

ونوهت إلى أن الوزارة تفتح بابها للتعاون مع كل المؤسسات الهادفة لدعم المرأة سواء محلية أو إقليمية أو دولية كأحد أهم الدعائم للنجاح في تغيير واقع المرأة الفلسطينية.