فلسطين أون لاين

تقرير "حلم ريم".. حملة خيرية لإنشاء مركز زراعة نخاع في "المطلع"

...
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

كانت ريم خليل تعاني سرطان الدم، وفي آخر أيامها دهمها نوع آخر هو سرطان الغدد اللمفاوية الذي لا يتوافر علاجه في المستشفيات الفلسطينية، وقد ساعدها امتلاك الجواز الأردني على الوصول إلى مركز الحسين الطبي في الأردن لإجراء عملية لزراعة النخاع.

لم يكن سهلا عليها ترك أطفالها وبيتها خلفها، أما الأصعب فكان نظرات الانكسار في أعين مرضى السرطان الذين لا يجدون هذه العملية في فلسطين المحتلة ولا يمتلكون جوازًا بديلًا يتيح لهم التداوي في مكان آخر، فيضطرون لدفع تكاليف عالية خلال مدة إقامتهم في الخارج.

لم يمهل المرض الشابة الفلسطينية الملهمة طويلًا؛ لتحقق حلمها بإنشاء مركز لزراعة النخاع في مشفى الأوغستا فكتوريا "المطلع" في مدينة القدس المحتلة، لإنهاء معاناة سفر مرضى السرطان لهذا الغرض.

وبمشاركة نشطاء على شبكات التواصل والأصدقاء، أطلقت عائلة الراحلة حملة "حلم ريم" الخيرية لتحقيق الحلم الذي تطلعت للاحتفاء به.

كانت خليل، ناشطة فلسطينية في المجال التنموي والاجتماعي، وشغلت عدة مناصب، آخرها منصب المدير الإقليمي لمؤسسة دروسوس في فلسطين، وساهمت من خلال عملها في رسم السياسات والرؤى المتعلقة بمأسسة العمل الريادي والثقافي وتطوير البرامج المهنية التي تحاكى متطلبات سوق العمل.

يقول شقيقها زيد خليل: "في آخر أيامها وبسبب التعب الشديد والمعاناة عملت ريم على تحضير مبادرة لجمع التبرعات لدعم مراكز علاج السرطان في فلسطين، بهدف التسهيل على المرضى وأهاليهم، حتى لا تكون هناك معاناة إضافية عليهم فوق معاناة المرض نفسه".

يضيف: "وضعت خطة لجمع مليون دولار وبدأت بالتواصل مع أشخاص في الخارج، وهذا ما تفاجأنا به بعد وفاتها، حيث تواصلوا معنا لاستكمال مشروعها، خاصة أنها لم ترَ حلمها يتحقق على أرض الواقع".

ويبين خليل أن العائلة والأصدقاء قرروا إحياء المبادرة لتكون صدقة جارية عنها، وإنهاء معاناة المئات من مرضى السرطان الذين يحتاجون لعمليات زراعة نخاع ولا يستطيعون تحمل عناء وتكاليف السفر.

ويوضح أن إطلاق الحملة تم بعد أربعين يومًا على وفاتها في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 الماضي، وهو اليوم يوافق يوم ميلادها، "تخليدا لذكراها بعمل خيري".

ويبين خليل أن إدارة الحملة جمعت في مرحلتها الأولى نحو 200 ألف دولار، وستواصل العمل لهذا الغرض حتى ثلاثة أشهر، في حين وقعت اتفاقية مع إدارة المطلع، لإنشاء وحدة زراعة نخاع لتكون الأولى من نوعها في فلسطين، حيث إن المركز الموجود يجري عمليات زراعة النخاع من المريض نفسه وليس من متبرع.

ويفيد بأنه تم فتح حساب خاص للتبرعات من خلال المستشفى نفسه، كما تم إطلاق الحملة على منصة عالمية مخصصة لجمع التبرعات الإنسانية، بالإضافة إلى إمكانية التبرع عن طريق البطاقة الائتمانية، أو عن طريق البنك، مشيرا إلا أنهم يدرسون آليات جديدة للتبرع.

ويقول خليل إن الحملة ستفعل نشاطها إعلاميا لتعريف الجمهور بها وستنظم فعاليات بهذا الشأن، منبهًا إلى أن القائمين على الحملة سيكونون جزءًا من لجنة المشتريات الخاصة بالمركز.

إنقاذ وتوفير 

من جهته يبين استشاري أمراض الدم د. ناهض الجعبري أن مرضى سرطان الدم يحتاجون إلى علاج مكثف، وبعضهم يحتاج إلى زراعة نخاع خوفا من عودة المرض.

ويوضح الجعبري لـ"فلسطين" أن مرضى سرطان الدم يحتاجون إما زراعة نخاع ذاتية تؤخذ من جسده، وإما غير ذاتية من متبرع من عائلته.

ويلفت إلى أن عملية زراعة النخاع تكلفتها عالية على دائرة العلاج بالخارج، والمريض الذي يحتاج إلى مصاريف للسفر، والإقامة، ناهيك بعناء السفر لساعات طويلة بجسده المنهك.

وينبه د. الجعبري إلى أنه لا يوجد مركز متخصص لزراعة النخاع في فلسطين، لذا يتم تحويل المرضى للمستشفيات الإسرائيلية، أو المصرية، أو الأردنية.

وعن أهمية وجود مركز متخصص لزراعة النخاع في المستشفيات الفلسطينية، يجيب: "سيوفر كثيرا من تكاليف العلاج على المريض، وإنقاذ حياته في أسرع وقت، لأن السفر وتحويلاته تحتاج إلى وقت طويل".

ويشير استشاري أمراض الدم إلى طرح فكرة إقامة مركز لزراعة النخاع في قطاع غزة، ولكن واجهتها عراقيل كثيرة حالت دون إتمامها، فهي تحتاج إلى كادر طبي متخصص في الزراعة ومختبرات بإمكانيات عالية وغرف عزل بأجهزة خاصة، عدا عن التمويل الكبير.

واقع إنساني خطير

رئيس قسم الأورام بمستشفى غزة الأوروبي أحمد الشرفا أكد أن عدد الحالات المسجلة لمرضى السرطان خلال السنوات الأخيرة الماضية بلغ 8644، مبيناً أن القطاع يسجل سنوياً ما يقارب الـ 2000 حالة.

وكشفت وزارة الصحة عن تزايد عدد مرضى السرطان في قطاع غزة ليصل إلى 12600 مريض، 53% منهم إناث و47% ذكور، مؤكدةً خطورة واقعهم الإنساني والصحي الذي بات يهدد حقوقهم العلاجية مع استمرار نقص الدواء ومهامهم الطبية.

أما مجموع حالات السرطان المبلغ عنها في محافظات الضفة الغربية فبلغ 3191 حالة جديدة، بمعدل حدوث 115.8 إصابة لكل 100 ألف من السكان.