الطريق إلى الجنة ليست معبدة بالنوايا الحسنة، لأن الأفعال هي التي تذهب بصاحبها إلى المكان الذي يناسب هذه الأفعال وسلوك صاحبها، إذ إنه من الضروري تجهيز البيئة المناسبة والطبيعية لإحداث حالة من الاستقرار والاستمرار في النشاط الرياضي بشكل طبيعي.
يقول المثل الشعبي "100 عين تبكي وعيون أُمي"، وهو ما ينطبق على اتحاد كرة القدم، وعليه أن يجعله مبدأ في تسيير أموره وفق اللوائح والقانون، فليغضب من يغضب أمام تطبيق القانون واللوائح، لأن اللوم أولًا وأخيرًا يطال اتحاد كرة القدم في حال تسببت مواقفه المتراجعة عن قراراته وعقوباته في حدوث أي أزمة مثلما حصل أمس في مباراة الشاطئ والشجاعية.
فقرار اتحاد كرة القدم الذي سلمه لإدارة الشاطئ على ضوء أحداث مباراته أمام الصداقة في الجولة السابقة، كان يتضمن منع الجماهير من مرافقة الفريق في المباراة التالية، فلماذا تراجع الاتحاد عن قراره المنطقي؟ ولماذا تراجع الاتحاد عن قراره المنطقي بنقل المباراة إلى ملعب الدرة؟
لقد تعمدت عدم الكتابة في قرار اتحاد كرة القدم بإقامة المباراة على ملعب اليرموك بعد قيامه بجدولتها على ملعب الشهيد محمد الدرة، وزاد عليها بقرار آخر وهو السماح لعدد من جماهير الشاطئ بحضور المباراة على الرغم من فرضه عقوبة عليه بعدم حضور المباراة.
لقد جاء سبب امتناعي عن التعليق على قرار الاتحاد انطلاقًا من المساهمة في تهدئة الأمور وسيرها بشكل طبيعي، رغم قناعتي وشعوري الداخلي أن الأمور لن تسير كما يجب خلال المباراة، وقناعتي بأنه سيحين الحديث عن هذا القرار الخاطئ للاتحاد، وقد حان الوقت للحديث عن مثل هذه القرارات التي من شأنها وضع اتحاد كرة القدم في مواقف مُحرجة وفي خانة المتهم بمجاملة الأندية.
قناعتي أن الاتحاد لا يُجامل أحدًا بقدر ما يسعى إلى أن يكون حمامة سلام، وهذه هي الحقيقة، ولكن المنطق يقول إنها ليست وظيفته، فالأصل في الشيء هو اتخاذ قراراته وفرض عقوباته بما يناسب حجم الخطأ، ومن ثم الإعلان عنها والدفاع عنها مستندًا إلى اللوائح والقوانين، وغلق الباب أمام الاجتهادات والانتقادات غير المنطقية التي تتهمه بالانحياز والمُجاملة.
إن وظيفة الاتحاد أولًا وأخيرًا أن يكون أول الملتزمين بلوائحه وقوانينه، ليكون قُدوة للندية التي تُشارك في بطولاته، وأن يقف على نفس المسافة من الجميع بعيدًا عن أي قرارات من شأن البعض ونحن كإعلاميين في مقدمتهم، فتح الأبواب على مصراعيها للتشكيك بحياديته.
لقد بتنا في موسم قوي جدًا سواء في خانة المنافسة على اللقب، أو خانة الصراع من أجل تفادي الهبوط، وهو بالقدر الذي يحتوي على عناصر إيجابية تصب في خانة قوة البطولات وإثارتها، فإنه يحتوي على عناصر سلبية بالإمكان تجاوزها والقفز عنها وعدم الوقوع في مطبات من شأنها تعكير الأجواء وفتح الباب أمام المتعصبين من الجماهير واللاعبين والمدربين للدخول من ثغرات مفتوحة من شأنها زعزعة قوة الاتحاد واستقراره.
أعتقد أن اتحاد كرة القدم عليه استخلاص العِبَر والعمل على تفادي الأخطاء التي وقع فيها، فلن ترحمه الأندية حتى التي استفادت من تراجعه عن قراراته، فالأندية عند مصالحها لا تنظر إلى ما حصلت عليه، بل تنظر إلى ما ستحصل عليه من نقاط تضمن لها المنافسة على اللقب من جهة، وتضمن ابتعادها عن حافة الهبوط من جهة أخرى.
فالأندية التي تسكت عن الاستفادة، ستنصب المشانق عنما تتعرض للخطر، وبالتالي فإن الفيصل في هذه الأمور هو تطبيق اللوائح بحذافيرها دون تضخيم ولا تقزيم، فكل خطأ ترتكبه الفرق أو اللاعبون، مقابله عقوبة واضحة وصريحة لا تقبل النقاش ولا الاجتهاد، لأنه لا اجتهاد مع نصوص القانون واللوائح.
إن تطبيق اللوائح بكامل نصوصها وبنودها من شأنه إنقاذ الاتحاد ومنظومته من كل حَرج، فهو يُنظم البطولات ولا يُنافس على ألقابها، ومن ثم عليه ألا يلتفت إلى أن هذا القرار أو ذاك يُلحق ضررًا بهذا الفريق أو ذاك، أو أن هذا القرار يضمن البطولة لفريق أو البقاء لفريق آخر، فليفز من يفز وليهبط من يهبط، فالمخطئ عليه أن يتحمل تبعات أخطائه، ولا حرج على الاتحاد في ذلك.