الثامن من آذار يوم المرأة العالمي، في هذا اليوم أسلط الضوء على موضوع المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية، وقبل الحديث عن المشاركة السياسية والانتخابات أريد أن أذكر العالم بأن 34 امرأة فلسطينية منهن 11 أمًّا معتقلات في السجون الإسرائيلية ويتعرضن لأبشع أشكال التعذيب وسط صمت مريب للمجتمع الدولي الذي انتفض متضامناً مع أوكرانيا في ازدواجية معايير تؤكد أن قيم العدالة والإنسانية في الغرب تعاني اختلالاً واضحاً وتناقضاً رهيباً بين النظرية والتطبيق، فمن صمت على إرهاب إسرائيل لقرون طويلة ضد الفلسطينيين بشكل عام والمرأة الفلسطينية على وجه الخصوص عليه ألا يظهر إنسانيته حول ما يحدث في أوكرانيا، فالإنسانية لا تعرف التجزئة.
لم يعد تهميش المرأة الفلسطينية من المشاركة السياسية مقبولاً من قبل الحركة الوطنية، أيا كانت التبريرات التي تسوقها النخبة السياسية، فقد فرضت المرأة الفلسطينية نفسها في ميدان الصراع مع الاحتلال الصهيوني، وقد تكون خنساء فلسطين أم نضال فرحات نموذجا للمرأة الفلسطينية المقاومة التي قدمت ثلاثة شهداء على مذبح الحرية، وأبلت بلاءً حسناً في ميدان السياسة من خلال عملها نائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني، وكم من نساء فلسطين ودّعن أكبادهن، فالمرأة الفلسطينية هي أم الشهيد و الجريح والأسير، وأم العظماء، وهي نصف المجتمع.
منذ تأسيس السلطة الفلسطينية لم تأخذ المرأة نصيبها في مواقع اتخاذ القرار، فمشاركتها في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996م لم يمنحها سوى 4 مقاعد من أصل 88 مقعداً بنسبة 4.5%.
أما انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية عام 1996م فقد نافست سميحة خليل على مقعد الرئاسة أمام ياسر عرفات، ولم تحصد سميحة خليل سوى 9.89% من الأصوات.
وفي انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية عام 2005م غابت المرأة الفلسطينية عن التنافس على مقعد رئيس السلطة الذي فاز به الرئيس الحالي محمود عباس.
أما الانتخابات التشريعية في يناير 2006م، والتي شاركت لأول مرة جميع القوى الوطنية والإسلامية باستثناء حركة الجهاد الإسلامي، وبناءً على قانون الانتخابات رقم 9 لعام 2005 المعدل، والذي اعتمد نظام الكوتا للمرأة الفلسطينية، حصلت المرأة الفلسطينية بالمجلس التشريعي الفلسطيني على سبعة عشر مقعداً من أصل مائة واثنين وثلاثين مقعداً بنسبة 7.8%.
أما في السلطة التنفيذية فقد شهدت السلطة الفلسطينية تشكيل اثنتي عشرة حكومةً، كان نصيب المرأة الفلسطينية ما نسبته 5.2%. بواقع ثلاث عشرة وزارة من أصل مائتين وثمانٍ وأربعين وزارة، تم تشكيلها قبل الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة في منتصف يونيو حزيران 2007م.
وبعد الانقسام تقلدت المرأة الفلسطينية في حكومة الدكتور سلام فياض الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة من أصل 67 وزارة حصلت المرأة الفلسطينية على خمس عشرة وزارة بنسبة 19.7%، بينما شغلت امرأة واحدة في حكومة تسيير الأعمال الذي يرأسها إسماعيل هنية في قطاع غزة.
في حكومة رامي الحمد الله، لم يختلف الأمر كثيراً، ولكن يسجل للدكتور محمد اشتية أن وزارته الأخيرة شملت ثلاث حقائب وزارية للمرأة.
أما على صعيد الأحزاب السياسية فلم تصل المرأة الفلسطينية لمناصب عليا في الهيئات القيادية العليا إلا عبر تمثيل خجول لا يتجاوز المرأة الواحدة في أحسن الأحوال، وهو تمثيل لا يتناسب مع حجمها وتضحياتها وقدراتها.
تقرير لجنة الانتخابات المركزية حول سجل الناخبين لعام 2019م، يوضح حجم الكتلة التصويتية للمرأة الفلسطينية والتي بلغت 1,088,383 من أصل 2,202,738 ناخب بنسبة 49.41%، وفي تقديري أن سجل الناخبين لعام 2021 لا يختلف كثيراً عنه في عام 2019م.
وفي المقابل نقارن ذلك مع دور المرأة الفلسطينية في صناعة القرار الفلسطيني، نجد أن هناك غلبة ونزعة ذكورية لدى النخبة الفلسطينية ممثلة بكل مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وهذا ظلم كبير تتعـــــرض له المرأة الفلسطينـــية ويجب أن تنال مزيدا من حقوقـــــها السياسية المسلوبة، فهي كما برعت في الميدان قد يكون لها دور مميز في السياسة والبناء، ولكن هذا يحتاج دور فاعل لمؤسسات المجتمع المدني والحركات النسوية داخل الأحزاب السياسية لتطوير وتأهيل المرأة كي تكون قادرة على فعل ذلك.