أربعة شهداء على أرض الضفة الغربية في يوم واحد، الشهداء موزعون على مساحة الضفة الغربية من شمالها حتى جنوبها، وعشرات الإصابات برصاص العدو الإسرائيلي، بعض الجرحى بوضع خطر، وهناك عشرات المعتقلين من كل مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، ذلك إضافة إلى عشرات الاعتداءات على تجمعات المواطنين العرب في مدينة القدس، وفي غيرها من مدن الضفة الغربية.
إنها الحرب، فهذا الموت الذي سكن أرض الضفة الغربية لا يختلف كثيرًا عن الموت الذي يطوف على مدن أوكرانيا، ولا يقل عدد ضحايا الضفة الغربية قياسًا إلى عدد السكان عن ضحايا أوكرانيا، ولا يقل التدمير في الضفة الغربية عن التدمير الذي لحق بأوكرانيا قياسًا إلى المساحة، مع ملاحظة الفارق، ففي أوكرانيا حرب تشارك فيها جيوش، حرب تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة، وفي الحرب يقع القتلى والجرحى والأسرى بين الطرفين، ولكن لا حرب على أرض الضفة الغربية بالمفهوم التقليدي، ولا جيوش تلتقي في ساحة المعارك، فاتفاقية أوسلو الموقعة بين قيادة منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية تمنع المواجهات، وتحظر على الفلسطيني حمل السلاح، وتمنعه من مقاومة المحتلين، ومع ذلك، ورغم اتفاقية أوسلو، ورغم التنسيق والتعاون الأمني؛ لم يتوقف قتل الفلسطينيين اليومي، ولم يتوقف تدمير البيوت، ولا اقتحام المدن، ولا اعتقال الناس، لينصب القتل والموت والجراح على رأس الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي لا يُصاب فيه المحتل الإسرائيلي بأذى.
ومن الغرائب أن العالم الغربي الظالم تنبه إلى لون الدم الأوكراني، وقدم له كل أشكال الدعم والمساندة، وفتح له الحدود، وحاصر أعداءه، في حين الدم الفلسطيني بلا لون، وبلا رائحة للظلم، فإذا قتل في يوم واحد أربعة فلسطينيين على أرض الضفة الغربية، برصاص الجيش الإسرائيلي، أو دعسًا تحت عجلات أحقاد المستوطنين الصهاينة؛ أغمضت الدول الغربية عينيها، وراحت تقدم الدعم والإسناد للإرهاب الإسرائيلي!
فمن يتحمل المسؤولية عن هذا الخلل المرعب؟!
قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تتحمل كامل المسؤولية عما لحق بالشعب الفلسطيني من ظلم تاريخي، فالقيادة الفلسطينية لم تعلن الحرب على أعداء الشعب مثل الرئيس الأوكراني، ولا هي حققت السلام المزعوم، ولا هي سمحت للشعب الفلسطيني بممارسه حقه في الدفاع عن نفسه مثل الشعب الأوكراني، فإذا المواطن الفلسطيني يذبح دون قدرة له على الدفاع عن نفسه، فبعد أن جردت قيادة منظمة التحرير المواطن الفلسطيني من حقه في أرض فلسطين التاريخية، ضيقت عليه حقوقه السياسية على أرض الضفة الغربية، دون أن توفر له الحماية، ودون أن تطلق يده لحماية نفسه.
هذا الخلل المرعب في العلاقة بين محتلي الأرض والفلسطيني صاحب الحق يجب أن ينتهي، وهذا الخلل بوجود هذه القيادة على رأس القرار الفلسطيني يجب أن ينتهي، إلى الأبد، فالصمت عن هذا العدوان دمار، وعدم محاسبة هذه القيادة عار، والانتظار دون المقاومة انتحار.