تُساهم المؤسسات الأهلية العاملة في الجانب الزراعي بدور مركزي في تعزيز صمود واستدامة سُبل العيش للمزارعين الفلسطينيين، خاصة الصغار منهم، ولها تأثير إيجابي في تعزيز السيادة على الموارد الطبيعية وملاءمتها للتغيرات المناخية، فضلًا عن تنفيذ برامج وأنشطة لتقليل معدلات الفقر والبطالة.
وتضع تلك المؤسسات في منهجيتها هدف تعزيز الوعي الفلسطيني بالممارسات الزراعية والبيئية والصديقة، وتشجيع المزارعين على استخدام الزراعة العضوية، وتنفيذ برامج لإنشاء نماذج وتقنيات زراعية وبيئية مستدامة.
اتحاد لجان العمل الزراعي
ويعد "اتحاد لجان العمل الزراعي" من أكبر مؤسسات التنمية الزراعية في فلسطين، التي أسست عام 1986 بمبادرة من مجموعة من المهندسين الزراعيين، وكان اعتماد المؤسسة منذ تأسيسها على المتطوعين بالكامل، إذ شكلت لجان زراعية في الضفة الغربية وقطاع غزة تعمل على تحديد أولوية المزارعين، وتساعد المؤسسة في تنفيذ برامجها وأنشطتها المجتمعية.
يقول مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في غزة محمد البكري: "إن مؤسستنا أنشئت لغرض حماية الأرض، والمياه، وتحسين الواقع الاقتصادي للمزارعين، أمام الاعتداءات والعراقيل الإسرائيلية".
وأكد البكري لصحيفة "فلسطين" أن منظمات العمل الأهلي المتخصصة في الجانب الزراعي لعبت دورًا كبيرًا في تطوير المنهجية وتعزيز صمود المزارعين، خاصة في المناطق "الحدودية" بقطاع غزة، ومناطق (ج) والأغوار في الضفة الغربية.
ويوضح أن مؤسسات المجتمع الأهلي وجدت نفسها أمام تحديات وأزمات داخلية وخارجية، ما حدا بها إلى تطويع أدواتها ومشاريعها للمساهمة في إيجاد حلول لأزمات زيادة عدد السكان، وقلة مساحة الأراضي، وتدمير الاحتلال البنية التحتية، وإغلاقه المعابر ومنعه التصدير.
ويبين البكري أن الاحتلال حينما لمس دور المؤسسات الأهلية الزراعية في تثبيت صمود المزارعين وتمكينهم في أراضيهم، وفضح جرائمه؛ عمل على عرقلة أعمال تلك المؤسسات، والضغط على المانحين الخارجيين لتجفيف منابع المؤسسات المالية، بذريعة أنها تدعم الإرهاب وعلاقتها بتنظيمات فلسطينية.
ويشير إلى أن اتحاد لجان العمل الزراعي يعمل على قاعدة سلسلة القيمة، وهي تعزيز صمود المجتمع الفلسطيني بتطوير منهجية تعتمد بالأساس على استغلال الموارد الفلسطينية، وكفاءة استخدام تقنيات حديثة.
ويبين البكري أن مؤسسته تسعى دائمًا نحو إحلال المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، ومساعدة المربين على تطوير أنشطتهم، ومختبراتهم وأدواتهم.
الإغاثة الزراعية
أيضًا لجمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية) دور جاد في تنمية القطاع الزراعي، وتعزيز صمود المزارعين، والوصول إلى الفئات الفقيرة والمهمشة وأطرها.
ويقول مديرها في قطاع غزة تيسير محيسن: "إن الجمعية التي انطلقت في عام 1983 تسعى إلى حشد وتطوير طاقات سكان الريف لتمكينهم من السيطرة على مصادرهم، والعمل في الزراعة بما يحقق ربحية أكبر، وتعزيز دور التعاونيات الزراعية والمؤسسات القاعدية العاملة، وتمكين المرأة الريفية بإشراكها في الأنشطة الزراعية والأعمال التجارية المدرة للدخل، والتدريب وبناء القدرات في الموضوعات المتعلقة بالحكم الرشيد والتخطيط الإستراتيجي، وإدارة حملات الضغط والمناصرة".
واستعرض محيسن في حديثه إلى صحيفة "فلسطين" جملة من المشاريع والأنشطة التي نفذتها وتنفذها الإغاثة في قطاع غزة، مثل مشاريع تخفيف أزمة المياه عن المزارعين في قطاع غزة عبر سلسلة من التدخلات، وتركيب نظام طاقة شمسية لتشغيل خزانات مياه، وتوقيع اتفاقيات استفادة مع صغار مزارعي الأراضي المكشوفة المتضررين، وإنشاء برك تجميع لمياه الأمطار، فضلًا عن تنفيذ حملات تشجير وجني للمحاصيل، وتنفيذ ورشات عمل عن تشجيع الزراعات الآمنة، وإجراء تجارب عن مكافحة أمراض التربة، وعقد جلسات تشبيك مع مؤسسات الإقراض الصغيرة.
منتدى غزة للزراعة الحضرية
ويشارك منتدى غزة للزراعة الحضرية المؤسسات الأهلية السابقة في الجهود الرامية لدعم القطاع الزراعي.
ويوضح المنسق العام للمنتدى أحمد الصوراني أن المنتدى الذي انطلق قبل أربع سنوات يعمل من أجل سياسات وممارسات زراعية تعزز الصمود والسيادة الغذائيين في فلسطين، والتأثير في السياسات الزراعية والضغط ومناصرة حقوق العاملين في القطاع الزراعي، والمشاركة والعمل بنهج الاستجابة بقيادة المجتمع في الأزمات، من أجل تعزيز صمود أنظمة الغذاء المحلي من طريق مناهج وممارسات زراعية حضرية أسرية قائمة على مبادئ الزراعة البيئية.
ويقول الصوراني لصحيفة "فلسطين": "إن المنتدى سهل تأسيس ملتقى محلي (ملتقى رياديات الزراعة الحضرية)، يضم 100 عضو من صاحبات المشاريع الزراعية الصغيرة في الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني والتصنيع الغذائي، بهدف رفع صوت الرياديات، وتبادل الخبرات، ومناصرة حقوقهن، والتشبيك والضغط من أجل سياسات تدعم تلك المشاريع الصغيرة والمنتج المحلي الوطني".
ويضيف: "إن المنتدى سهل حصول 63 منتجًا محليًّا على بطاقات بيان من وزارة الاقتصاد، لاعتماد وترخيص تلك المنتجات رسميًّا، وضمان حماية المستهلك، وتسهيل تسويقها وتضمينها في السلات الغذائية التي توزعها في قطاع غزة المؤسسات الدولية والمحلية".
ويشير الصوراني إلى أن المنتدى يتكون حاليًّا من نحو 80 عضوًا، من ذلك المؤسسات الحكومية الوطنية والمحلية؛ والمؤسسات الأهلية غير الحكومية؛ والمنظمات النسائية (التعاونيات والناشطون)، والقطاع الخاص، ومؤسسات البحث والتعليم؛ ومؤسسات التمويل الصغير، وملتقى رياديات الزراعة الحضرية، وملتقيات سلاسل القيمة.
ويلفت إلى أن المنتدى حصل على جائزة الربيع العالمية للتأثير لعام 2021 لجهوده في التأثير والتغيير على المستوي المحلي والإقليمي والعالمي، إذ إن المنتدى عضو فيما لا يقل عن 20 شبكة عالمية وإقليمية لتعزيز أنظمة الغذاء المحلية والتأثير ومناقشة السياسات الغذائية العالمية والمحلية، إضافة إلى عضوية المنتدى في لجنة الأمن الغذائي العالمي التابعة للأمم المتحدة.