لم يحتَجِ الفتى بلال شاهين للكثير من الوقت كي يتقن مهارات صناعة ألعاب الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب، فلقد استكفى ببعض الورش التدريبية والدورات المتخصصة المتوافرة على الشبكة العنكبوتية كي ينطلق في مشواره.
وخلف طاولة صغيرة في الركن الأيمن من منزل شاهين، غربي مدينة غزة، يجلس شاهين (16 عامًا) أمام جهازه "اللاب توب" محاولًا وضع التصميم النهائي لعبة جديدة سيعمل على برمجتها وتجهيزها للنشر في الأسواق الإلكترونية.
وبدأ شاهين برمجة الألعاب منذ مطلع عقده الثاني، وعن ذلك قال: "كنت في الصف السابع الأساسي عندما حاولت إنتاج لعبة كاملة خلال العطلة الشتوية ما بين الفصلين من باب الهواية والشغف ورغبة مني بقضاء وقت الفراغ ما هو مفيد، ولكني حينها واجهت صعوبات بالغة".
وتمثلت تلك الصعوبات باعتماده على ذاته في اكتساب المعرفة والخبرة اللازمة لتصميم وبرمجة الألعاب، بجانب افتقاره للخدمات اللوجستية المطلوبة في عالم صناعة الألعاب كجهاز كمبيوتر ذي مواصفات مميزة، فضلا عن غياب الدعم من قبل إدارة المدرسة آنذاك.
وأضاف شاهين لمراسل "فلسطين": "تمكنت من التغلب على مختلف الصعوبات باللجوء إلى تطوير قدراتي الذاتية تدريجيًا عبر متابعة الإصدارات المنتشرة على "الإنترنت" باللغتين العربية والإنجليزية، حتى تمكنت خلال الأربع سنوات الماضية من تصميم وبرمجة 20 لعبة ذات مواصفات مختلفة".
وتنوعت خصائص ألعاب شاهين ما بين المضامين التعليمية التثقيفية وذات الطابع القتالي وأخرى متعلقة بالتسلية والإمتاع وعالم الأطفال والتربية فضلا عن إصدارات تحمل رسائل فلسطينية ووطنية، وفي الوقت نفسه تتناسب تلك الألعاب مع جميع الأعمار.
واحتاج الفتى بلال لقرابة الأربعة أشهر لإنهاء تصميم وبرمجة لعبة "التحرير" التي تدور مراحلها حول فكرة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن الأرض والمدنيين العزل، وكذلك استغرق لمدة مضاعَفة لصناعة لعبة "beforce" حيث تتركز فكرتها على محاربة الأشرار حول العالم.
وبين أن خطوات صناعة أي لعبة إلكترونية تبدأ بتحديد الفكرة، التي ربما تكون حديثة أو مطورة، ثم يجري وضع تصميم أولي عبر البرامج المختصة، قبل أن تنطلق عملية التصميم والبرمجة النهائية، موضحًا أنه استكفى بنشر لعبة واحدة على سوق "google play" حملت عنوان "flappy attack crush".
ويحتاج عالم صناعة الألعاب إلى مهارات في هندسة البرمجيات والتصميم وقواعد البيانات فضلا عن مهارات في برمجة الصوتيات والبرمجة، وفي الوقت نفسه تتوفر عدة برامج مختصة بتصميم وبرمجة الألعاب.
ورغم تمكن شاهين من تجاوز جل العقبات التي واجهته بعدما وجد حاضنة مناسبة خلال دراسته بالمرحلة الثانوية، إلا أنه لا يخفي تذمره الشديد من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي لما يزيد على 20 ساعة يوميًا، والتي تؤثر سلبًا عليه.
ولعبت عائلة بلال دورًا إيجابيًا في تعزيز قدرات ابنها ودعمه بمختلف السبل المتاحة، إذ تفاءلت العائلة منذ سنوات طفولته الأولى أن يكون له مستقبل مشرق في تطوير الألعاب وصناعتها، بعدما كان يلاحظ عليه حرصه الشديد على معرفة أدق تفاصيل الألعاب التي كانت يلهو بها في مع أقارنه في أوقات الفراغ.